كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود

٥ - كتاب المناسك - ٣٢ - باب ما يلبس المحرم - ج: 27 - ص: 430

طاهر الشحامي في أحاديث عبد الرحمن بن بشر (٢٤)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٣٢/ ١٨٥)، وعلقه ابن أبي حاتم في العلل (٣/ ٢٧٨/ ٨٦٦) عن عبد الرحمن بن بشر وحده. [الإتحاف (٨/ ٦١٣/ ١٠٠٦٤)].

* قلت: هذا الحديث مختصر من حديث ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس، فإن عمرو بن دينار بعدما فرغ من الحديث أراد أن يقول بأن ابن عباس لم يذكر هنا القطع، بينما ذكره ابن عمر في حديثه، فأتبعه بموضع الشاهد من حديث ابن عمر، ولم يذكر فيه سماعا، وإنما أراد عمرو بيان وجه الاختلاف بين الحديثين، فجاء بعض أصحاب ابن عيينة، أو بعض المصنفين؛ فاقتطعوا آخر الحديث عن ابن عمر؛ فألزقوه بالإسناد، وجعلوا منه حديثا مستقلا؛ فأوهموا أن عمرو بن دينار يروي هذا الحديث عن ابن عمر، ولهذا جزم أبو حاتم بأنه ليس لعمرو بن دينار معنى في إسناد حديث ابن عمر.

• وقد جاءت رواية علي بن المديني - وهو من أثبت الناس في ابن عيينة - لكي تبين لنا وجه هذه الرواية، وأنها قد اختصرت من أصل حديث عمرو عن أبي الشعثاء عن ابن عباس، وأنه قد ألزق آخره بأوله، وأسقط منه حديث أبي الشعثاء عن ابن عباس:

• فقد رواه علي بن المديني: قال: حدثنا سفيان، قال عمرو: كان ابن عمر، يقول: «يقطع المحرم الخفين يجعلهما أسفل من الكعبين»، ويذكر عن ذلك النبي ﷺ. قال سفيان: وإنما بلغه عن ابن عمر.

أخرجه البخاري في التاريخ الأوسط (١/ ٣٦١) (٣/ ٢٧٥/ ٤٣٥ - ط الرشد).

فجاءت رواية ابن المديني بمثل رواية الرمادي [عند البيهقي] حيث ساق الحديث بتمامه عن ابن عباس، ثم أتبعه بقوله: قال عمرو: لم يذكر ابن عباس القطع، وقال ابن عمر: «وليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين»؛ فلا أدري أي الحديثين نسخ الآخر؟ واقتصر علي بن خشرم في روايته على الجملة الأخيرة في النسخ؛ إشارة لهذا المعنى؛ فدل على أن عمرو بن دينار لم يقصد أن يسند حديث ابن عمر؛ وإنما قصد الإشارة لوجود اختلاف بين حديث ابن عباس؛ حيث لم يذكر القطع، بينما ذكره ابن عمر في حديثه.

وقد استفدنا من رواية ابن المديني: تصريح ابن عيينة بأن عمرا لم يسمع هذا الحديث من ابن عمر، وقد سبق أن بينت في طرق حديث ابن عمر: أنه قد رواه عنه فقط: ابنه سالم، ونافع مولاه، وعبد الله بن دينار، ولم يكن ابن عيينة فيمن رواه عن عبد الله بن دينار؛ إنما رواه: مالك، والثوري، وشعبة، والقسملي.

• قال ابن أبي حاتم في العلل (٣/ ٢٧٨/ ٨٦٦): «وسألت أبي عن حديث رواه عبد الرحمن بن بشر بن الحكم النيسابوري، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي ﷺ قال: «من لم يكن له نعلين فليلبس خفين، ويقطعهما أسفل من الكعبين»؟ قال أبي: هذا خطأ؛ إنما هو: عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي ﷺ، وليس لعمرو معنى».