قلت: نعم؛ ليس لعمرو بن دينار معنى فيما أسنده الناس من حديث ابن عمر، وإنما وقع اختصار في حديث ابن عباس، لما ذكر عمرو في آخره فقه المسألة، وأورد لأجل ذلك حديث ابن عمر مختصراً مقتصراً منه على موضع الشاهد، لبيان الاختلاف بين الحديثين، كما أن ابن عيينة لم يكن ممن رواه عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر؛ إنما رواه عن عبد الله بن دينار: مالك، وسفيان الثوري، وشعبة، وعبد العزيز بن مسلم القسملي [راجع الحديث رقم (١٨٢٧)]، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
قال البيهقي (٥/ ٥١): «ورواه غيره [أي: العباس بن يزيد]، عن ابن عيينة، عن عمرو، وقال: انظروا أيهما قبل؟ فحملهما عمرو بن دينار على نسخ أحدهما الآخر، وبين في رواية ابن عون وغيره، عن نافع، عن ابن عمر؛ أن ذلك كان بالمدينة قبل الإحرام، وبين في رواية شعبة، عن عمرو، عن أبي الشعثاء جابر بن زيد، عن ابن عباس؛ أن ذلك كان بعرفة وذلك بعد قصة ابن عمر.
وأما الشافعي ﵀ فإنه قال: أرى أن يقطعا؛ لأن ذلك في حديث ابن عمر، وإن لم يكن في حديث ابن عباس، وكلاهما صادق حافظ، وليس زيادة أحدهما على الآخر شيئاً لم يؤدّه الآخر، إما عزب عنه، وإما شك فيه فلم يؤدّه، وإما سكت عنه، وإما أدى فلم يؤد عنه لبعض هذه المعاني اختلافاً» [كذا قاله الشافعي في الأم (٣/ ٣٦٨)].
٢ - شعبة بن الحجاج:
• رواه محمد بن جعفر غندر، وأبو داود الطيالسي، وبهز بن أسد، وسليمان بن حرب، والنضر بن شميل، وأبو عمر حفص بن عمر الحوضي، وحجاج بن المنهال، وآدم بن أبي إياس، وروح بن عبادة، وأبو ظفر عبد السلام بن مطهر، وإبراهيم بن طهمان [وهم ثقات]:
حدثنا شعبة، قال: أخبرني عمرو بن دينار سمعت جابر بن زيد: سمعت ابن عباس، قال: خطبنا النبي ﷺ بعرفات، فقال:«من لم يجد الإزار فليلبس السراويل، ومن لم يجد النعلين فليلبس الخفين». لفظ آدم [عند البخاري (١٨٤٣)]
ولفظ غندر [عند أحمد (١/ ٢٨٥)، والنسائي، وأبي نعيم]: أنه سمع النبي ﷺ يخطب
بعرفات، فقال:«من لم يجد إزاراً فليلبس سراويل، ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين».
ولفظ بهز [عند أحمد (١/ ٢٧٩)]، والطيالسي [في مسنده]، والحوضي [عند ابن حبان]، وبهز والنضر [مقرونين عند أبي بكر النيسابوري، والدارقطني]، وحجاج بن منهال [عند ابن حزم]، وابن مطهر [عند الطبراني]: أنه سمع رسول الله ﷺ يخطب بعرفات: «من لم يجد نعلين فليلبس خفين، ومن لم يجد إزارا فليلبس سراويل».
ولفظ سليمان وحجاج وأبي الوليد [مقرونين عند الطحاوي]: سمعت النبي ﷺ بعرفة يقول: «من لم يجد إزاراً لبس سراويلاً، ومن لم يجد نعلين لبس خفين». وبنحوه رواه ابن طهمان، ولم يضبطه حين شك: بمنى، أو بعرفات.