كتاب فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود

٥ - كتاب المناسك - ٣٢ - باب ما يلبس المحرم - ج: 27 - ص: 378

• ثم إن ابن القيم قد ناقض نفسه حين أبى أن يعمل بقول الجماعة الذين ميزوا المدرج وفصلوه، وأصر على القول برفع جملة النقاب والقفازين من حديث ابن عمر، ثم هو نفسه يقبل قول واحد، وهو جعفر بن برقان حين خالف جمعاً غفيراً من أصحاب نافع، وذلك حين حكى في تهذيب السنن (١/ ٣٤٧) - ط عطاءات العلم قول صاحب المغني: «كذلك روي في أمالي أبي القاسم ابن بشران بإسناد صحيح: أن نافعاً قال بعد روايته للحديث وليقطع الخفين أسفل من الكعبين والإدراج فيه محتمل، لأن الجملة الثانية يستقل الكلام الأول بدونها، فالإدراج فيه ممكن» [انظر: المغني لابن قدامة (٥/ ١٢١)].

• قلت: رواية ابن بشران هي من طريق جعفر بن برقان عن نافع [ستأتي برقم (١٩)، تحت الحديث رقم (١٨٢٧)]، وهي وهم من جعفر بن برقان، وهمه فيها: الدارقطني، وأبو الوليد الباجي، وهو كما قالا، وهم جعفر بن برقان في موضعين:

الأول: قوله في المرفوع: «فإن لم يكن إزار فسراويل»، واستثناء السراويل عند فقد الإزار: لا يُعرف من حديث ابن عمر.

والثاني: وقال نافع: «يقطع الخفين أسفل من الكعبين، ولا يلبس البرنس، ولا ثوباً مسه الورس والزعفران»، وهذا تقصير به، حيث جعله مقطوعاً على نافع، وإنما هو مرفوع، رواه نافع، عن ابن عمر، عن النبي ﷺ.

ولا تصح دعوى الإدراج في مثل هذا؛ فأين جعفر بن برقان الرقي من أثبت الناس في نافع من أهل الحجاز والعراق ومصر؟!

• فقد رواه مالك بن أنس، وعبيد الله بن عمر، وأيوب السختياني، والليث بن سعد، وموسى بن عقبة، وابن جريج، وابن أبي ذئب، وجويرية بن أسماء، وعبد الله بن عون، وعمر بن نافع، وإسماعيل بن أمية، وأيوب بن موسى، ومحمد بن إسحاق، وجرير بن حازم، وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، وفليح بن سليمان، والمعلى بن إسماعيل، وغيرهم:

عن نافع، عن عبد الله بن عمر؛ أن رجلاً سأل رسول الله ﷺ: ما يلبس المحرم من الثياب؟ فقال رسول الله ﷺ: «لا تلبسوا القُمُص، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف، إلا أحد لا يجد نعلين فليلبس خفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا من الثياب شيئاً مسه الزعفران ولا الورس». لفظ مالك.

• ومما يؤيد ما قلته في ترجيح الوقف في جملة النقاب والقفازين: أن الدارقطني قد رجح الوقف في العلل:

فقد سئل الدارقطني في العلل (١٣/٤٢/٢٩٣٤)، عن حديث نافع، عن ابن عمر: قال رسول الله ﷺ: «لا تلبس المحرمة القفازين ولا تنتقب؟» فقال: «يرويه محمد بن إسحاق، وموسى بن عقبة، واختلف عنهما؛

فرواه يحيى بن اليمان، عن الثوري، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً.