البخاري بطرف النقاب والقفازين، وقد أخرج البخاري حديث ابن عمر هذا في الصحيح، في أحد عشر موضعاً (١٣٤ و ٣٦٦ و ١٥٤٢ و ١٨٣٨ و ١٨٤٢ و ٥٧٩٤ و ٥٨٠٣ و ٥٨٠٥ و ٥٨٠٦ و ٥٨٤٧ و ٥٨٥٢)، في كتاب العلم، والصلاة، والحج، واللباس، من طرق عن: سالم، ونافع، وعبد الله بن دينار، عن ابن عمر، وذلك على عادته لكونه يحب أن يعدد طرق الحديث، فيخرجه على الأبواب، وفي كل مرة يأتي به من وجه وطريق جديد، فأحب أن يخرج في هذا الموضع حديث الليث بتمامه، لكنه لما اشتمل على هذه الزيادة المدرجة أحب أن ينبه على إدراجها بهذا التعقيب الذي عقب به، وفي هذا كفاية، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
• وممن رأى من المتأخرين أن البخاري قصد التدليل على الإدراج؛ الحافظ العراقي حيث قال في شرح الترمذي:«قد نقل البخاري في صحيحه ما يدل على الإدراج»، ثم قال:«وكذا قال البيهقي في السنن: أن عبيد الله بن عمر ساق الحديث إلى قوله: «ولا ورس»، ثم قال: وكان يقول: لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين»، ثم رد على دعوى ابن دقيق العيد في الإمام، إلى أن قال:«وأما الوجه الثاني الذي ذكره الشيخ تقي الدين: فإن ابن إسحاق لا شك أنه دون عبيد الله بن عمر في الحفظ والإتقان، وقد فصل الموقوف من المرفوع، وقوله: إن هذا يمنع الإدراج؛ مخالف لقوله في الاقتراح، … وقد ذكر الخطيب في المدرج حديث أبي هريرة مرفوعاً: «أسبغوا الوضوء، ويل للأعقاب من النار»، فجعل قوله:«أسبغوا»، مدرجاً، ولم يمنعه من ذلك كونه متقدماً على المرفوع، فلعل بعض من ظنه مرفوعاً قدَّمه، والتقديم والتأخير في الحديث سائغ بناء على جواز الرواية بالمعنى». [طرح التثريب (٥/ ٤٣)].
وقال ابن حجر في الفتح (٤/ ٥٣) بعد أن بين من وصل حديث عبيد الله مفصولاً، ثم أتبعه برواية مالك الموقوفة في الموطأ:«وفي ذلك تقوية لرواية عبيد الله، وظهر الإدراج في رواية غيره. وقد استشكل ابن دقيق العيد الحكم بالإدراج في هذا الحديث لورود النهي عن النقاب والقفاز مفرداً مرفوعاً، للابتداء بالنهى عنهما في رواية ابن إسحاق المرفوعة … ، وقال في الاقتراح: دعوى الإدراج في أول المتن ضعيفة، وأجيب بأن الثقات إذا اختلفوا وكان مع أحدهم زيادة قدمت، ولا سيما إن كان حافظاً، ولا سيما إن كان أحفظ، والأمر هنا كذلك؛ فإن عبيد الله بن عمر في نافع: أحفظ من جميع من خالفه، وقد فصل المرفوع من الموقوف، وأما الذي اقتصر على الموقوف فرفعه فقد شذ بذلك وهو ضعيف، وأما الذي ابتدأ في المرفوع بالموقوف فإنه من التصرف في الرواية بالمعنى، وكأنه رأى أشياء متعاطفة فقدم وأخر لجواز ذلك عنده، ومع الذي فصل زيادة علم فهو أولى، أشار إلى ذلك شيخنا في شرح الترمذي».
• وممن ذهب أيضاً إلى تصحيح الرفع في هذه الزيادة ابن تيمية في شرح العمدة (٤/ ٤٦٤ - ط عطاءات العلم) حيث قال: «وأما حديث ابن عمر فحديث صحيح، وزيادته صحيحة محفوظة».