المرأة ولبسها القفازين ولا ريب عند أحد من أئمة الحديث أن هذا كله حديث واحد من أصح الأحاديث عن رسول الله ﷺ مرفوعاً إليه، ليس من كلام ابن عمر».
قلت: هذا كلام إنشائي، لا يعوّل عليه، فقد أعل هذه الزيادة في النقاب والقفازين جمع من كبار الأئمة النقاد، مثل: البخاري وأبي داود، وأبي عوانة، وأبي علي النيسابوري وابن عدي والدارقطني، والبيهقي.
ثم قال ابن القيم:«وموضع الشبهة في تعليله: أن نافعاً اختلف عليه فيه فرواه الليث بن سعد عنه، عن ابن عمر، عن النبي ﷺ، فذكر فيه: «ولا تلبس القفازين»، قال أبو داود:«ورواه حاتم بن إسماعيل ويحيى بن أيوب، عن موسى بن عقبة، عن نافع على ما قال الليث. ورواه موسى بن طارق عن موسى بن عقبة موقوفاً على ابن عمر. وكذلك رواه عبيد الله بن عمر ومالك وأيوب عن نافع عن ابن عمر موقوفاً»، وكذلك هو في الموطأ عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يقول: «لا تنتقب المرأة، ولا تلبس القفازين»، ولكن قد رفعه الليث بن سعد وموسى بن عقبة في الأكثر عنه، وإبراهيم بن سعيد أيضاً رفعه عن نافع، ذكره أبو داود، ورواه محمد بن إسحاق عن نافع مرفوعاً، كما تقدم».
قلت: ويزاد عليهم أيضاً: جويرية بن أسماء، ومع ذلك فالصواب مع من وقفه، وفصل المدرج منه، وهم أثبت الناس في نافع مالك بن أنس، وعبيد الله بن عمر العمري، وأيوب السختياني، وتابعهم يحيى بن سعيد الأنصاري، وفضيل بن غزوان، وفليح بن سليمان، وليث بن أبي سليم، وممن قال بترجيح الوقف، أو العمل بقول من فصله: البخاري، وأبو داود، وأبو عوانة، وأبو علي النيسابوري، وابن عدي، والدارقطني، والبيهقي.
ثم ساق ابن القيم في تهذيب السنن (١/ ٣٥٨ - ط عطاءات العلم) كلام البخاري عقيب حديث الليث، ثم قال:«فالبخاري ﵀ ذكر تعليله، ولم يرها علة مؤثرة، فأخرجه في صحيحه، عن عبد الله بن يزيد: حدثنا الليث: حدثنا نافع عن ابن عمر … فذكره».
• قلت: بل رآها علة مؤثرة، فإن القول: قول من ميز المدرج وفصله؛ وإن كان واحداً بشرط أن يكون حافظاً؛ فكيف؛ وقد اجتمع على فصل المدرج: جماعة من أثبت الناس في نافع، وأعلمهم بحديثه؟
ولو كان كلام ابن القيم صواباً؛ لترجم البخاري لموضع الشاهد في كون المحرمة لا تنتقب ولا تلبس القفازين؛ حينها قد يقال: إن البخاري احتج بموضع الشاهد من الحديث المرفوع، ولكن البخاري أخرجه في «باب: ما يُنهى من الطيب للمحرم والمحرمة»، ثم علق قول عائشة:«لا تلبس المحرمة ثوباً بورس أو زعفران»، وهذا هو النص على ما ترجم له، ثم أتبعه بحديث الليث، وموضع الشاهد منه:«ولا تلبسوا شيئاً مسه زعفران ولا الورس»، ثم ختم بحديث ابن عباس؛ فيمن وقصته ناقته وهو محرم، فقال النبي ﷺ:«اغسلوه، وكفنوه، ولا تغطوا رأسه، ولا تقربوه طيباً، فإنه يُبعث يُهِلَّ»؛ فأين احتجاج