للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الأمصار، وأصحاب الآثار، وحجتهم في ذلك: حديث عطاء، عن صفوان بن يعلى بن أمية، عن أبيه، في قصة الأعرابي الذي أحرم وعليه جبة؛ فأمره رسول الله أن ينزعها، وهو الحديث المذكور في هذا الباب، ولا خلاف بين أهل العلم بالحديث: أنه حديث ثابت صحيح.

وحديث جابر الذي يرويه عبد الرحمن بن عطاء بن أبي لبيبة: عندهم حديث ضعيف، لا يحتج به، وهو عندهم أيضاً مع ضعفه مردود؛ بالثابت عن عائشة أنها قالت: كنت أفتل قلائد هدي رسول الله ثم يقلده ويبعث به، فلا يحرم عليه شيء أحله الله له حتى ينحر الهدي».

ثم قال (٢/ ٢٦٤) (٢/ ٢٩٠ - ط الفرقان): «ليس نزع القميص بمنزلة اللباس في أثر ولا نظر، فأما الأثر: فقد ذكرناه في قصة الأعرابي، وأما النظر: فإن المحرم لو حمل على رأسه شيئاً لم يعد ذلك معد لبس القلنسوة، وكذلك من تردى بإزار وجلل به بدنه لم يحكم له بحكم لباس المخيط، وفي هذا دليل على أنه إنما نهى عن لباس الرأس القلنسوة في حال الإحرام اللباس المعهود، وعن لباس الرجل القميص اللباس المعهود، وعلم أن النهي إنما وقع في ذلك وقصد به إلى من قصد وتعمد فعل ما نهى عنه من اللباس في حال إحرامه اللباس المعهود في حال إحلاله، فخرج بما ذكرنا ما أصاب الرأس من القميص المنزوع، هذا ما يوجب النظر إن شاء الله.

وأما قوله: «وافعل في عمرتك ما تفعل في حجك»؛ فكلام خرج على لفظ العموم، والمراد به الخصوص، … ، وهذا إجماع من العلماء أنه لا يصنع المعتمر عمل الحج كله، وإنما عليه أن يتم عمل عمرته، وذلك: الطواف والسعي والحلاق والسنن كلها، والإجماع يدلك على أن قوله في هذا الحديث: «وافعل في عمرتك ما تفعل في حجك» كلام ليس على ظاهره، وأنه لفظ عموم أريد به الخصوص، على ما وصفنا من الاقتصار به على جواب السائل في مراده، وبالله التوفيق».

وقال في موضع آخر (١٩/ ٣٠٦) (١٢/ ٣٠٦ - ط الفرقان): «مذهب ابن جريج في هذا الباب خلاف مذهب عطاء، وحجته: أن الآخر ينسخ الأول حجة صحيحة، ولا خلاف بين جماعة أهل العلم بالسير والأثر: أن قصة صاحب الجبة كانت عام حنين بالجعرانة سنة ثمان، وحديث عائشة عام حجة الوداع، وذلك سنة عشر، فإذا لم يصح الخصوص في حديث عائشة فالأمر فيه واضح جداً، … ».

قال ابن العربي في العارضة (٤/ ٥٩) (٣/ ٢٥٧ - ط أسفار): «الفقه: في تسع مسائل، الأولى: قوله: أحرم؛ دليل على أنه لم يسأله إلا وهو قد دخل بالإحرام في العمرة وعليه الجبة والطيب، فأمره النبي بالغسل والخلع، ولم يأمره بفدية، وإن كان قد داوم عليهما، وانتفع بعد الإحرام بهما، وإنما كان كذلك؛ لأنه لم يكن بعد عنده بلاغ من الشرع ولا غيره، وإنما كان عند استئناف حكم، فلزم حيث علم، وكان ما سبقه عفواً، وهذا أصل من اصول الفقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>