إني أحرمت بعمرة، وأنا كما ترى، فقال:«انزع عنك الجبة، واغسل عنك الصفرة، وما كنت صانعاً في حجك، فاصنعه في عمرتك». [أخرجه مسلم (٩/ ١١٨٠)].
فدل على أن المنهي عنه هو التزعفر؛ لا بقاء أثر الطيب بعد الإحرام.
• وقد ثبت النهي عن التزعفر للرجال من حديث أنس:
فقد روى عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك، قال: نهى النبي ﷺ أن يتزعفر الرجل. وفي رواية: نهى رسول الله ﷺ عن التزعفر للرجال. [أخرجه البخاري (٥٨٤٦). ومسلم (٢١٠١). وتقدم تخريجه في المجلد الرابع والعشرين، تحت الحديث رقم (١٧٧٢)].
• ثم قال ابن خزيمة (٤/ ١٩٥): «باب البيان ضد قول من زعم أن المحرم في الجبة عليه خرق الجبة، وغير جائز له نزعها فوق رأسه، قال أبو بكر: في خبر صفوان بن يعلى، عن أبيه قال: انزع جبتك»، ثم ذكر قول عطاء.
وقال ابن عبد البر في التمهيد (٢/ ٢٤٩)(٢/ ٢٧٠ - ط الفرقان) بعد حديث مالك عن حميد بن قيس: «هذا حديث مرسل عند جميع رواة الموطأ فيما علمت، ولكنه يتصل من غير رواية مالك من طرق صحيحة ثابتة عن عطاء بن أبي رباح، وهو محفوظ من حديث يعلى بن أمية، عن النبي ﷺ، رواه عن عطاء بن أبي رباح جماعة منهم: أبو الزبير، وعمرو بن دينار، وقتادة، وابن جريج، وقيس بن سعد، وهمام بن يحيى، ومطر، وإبراهيم بن يزيد، وعبد الملك بن أبي سليمان، ومنصور بن المعتمر [كذا قال، والصواب: منصور بن زاذان]، وابن أبي ليلى، والليث بن سعد، وأحسنهم رواية له عن عطاء وأتقنهم: ابن جريج، وعمرو بن دينار، وإبراهيم بن يزيد، وقيس بن سعد، وهمام بن يحيى، فإن هؤلاء كلهم رووه عن عطاء، عن صفوان بن يعلى بن أمية، عن أبيه، عن النبي ﷺ، وهو الصواب فيه، وغيرهم رواه: عن عطاء، عن يعلى، وليس بشيء». [وقال نحوه في الاستذكار (٤/ ٢٧)].
وانظر: الفتح لابن حجر (٣/ ٣٩٣)، الإصابة (٧/ ١٨١).
أقوال الفقهاء:
قال الشافعي في الأم (٣/ ٣٨٣): «أخبرنا سعيد بن سالم، عن ابن جريج، عن عطاء؛ أنه كان يقول: من أحرم في قميص أو جبة فلينزعها نزعاً ولا يشقها.
والسنة كما قال عطاء، لأن رسول الله ﷺ أمر صاحب الجبة أن ينزعها، ولم يأمره بشقها.
أخبرنا سعيد، عن ابن جريج، قال: قلت لعطاء: أرأيت لو أن رجلاً أهل من ميقاته وعليه جبة ثم سار أميالاً ثم ذكرها فنزعها؛ أعليه أن يعود إلى ميقاته فيحدث إحراماً؟ قال: لا، حسبه الإحرام الأول.
قال الشافعي: وهذا كما قال عطاء إن شاء الله تعالى، وقد أهل من ميقاته، والجبة لا تمنعه أن يكون مهلاً وبهذا كله نأخذ».