وأزيد على قوله؛ بأن أقول: ابن جريج: ثقة حافظ فقيه، أحد الأعلام، أثبت الناس في عطاء بن أبي رباح، وهو راويته، لزمه سبع عشرة سنة [التهذيب (٢/ ٦١٦)]، قال أبو حاتم: «من خالف ابن جريج في عطاء؛ فقد وقع في شغل [العلل (٨٧٠)]، فكيف، ولم ينفرد به؟! بل تابعه على وصله: عمرو بن دينار، وقيس بن سعد، وهمام بن يحيى، والليث بن سعد، ورباح بن أبي معروف، وحجاج بن أرطاة؛ فالقول قولهم، وكل من أرسله فقد قصر به.
وقد تعقب ابن حجر في هدي الساري (١/ ٣٥٧)، كلام الدارقطني بقوله:«قلت: في رواية بن جريج: أخبرني عطاء؛ أن صفوان بن يعلى أخبره، عن يعلى به، ورواية جميع من ذكره عن عطاء عن يعلى معنعنة، فدل على أنه لم يروه عن يعلى إلا بواسطة ابنه، وابن جريج من أعلم الناس بحديث عطاء، وقد صرح بسماعه منه، فالتعليل بمثل هذا غير متجه، كما قدمنا غير مرة».
وقال ابن خزيمة (٤/ ١٩٣): «في خبر عمرو بن دينار قال: وعليه مقطعات متضمخ بخلوق، والخلوق لا يكون - علمي - إلا فيه زعفران، وفي خبر منصور بن زاذان، وعبد الملك بن أبي سليمان وابن أبي ليلي، والحجاج بن أرطاة عن عطاء، عن يعلى بن أمية؛ قال: وعليه جبة عليها ردغ من زعفران، إلا أنهم أسقطوا صفوان بن يعلى من الإسناد».
قلت: وما قاله ابن خزيمة متجه؛ لأنا وإن قلنا بأنهم قصروا بالإسناد، فلا يلزم من ذلك عدم ضبط المتن، وقد رواه بهذه اللفظة أيضاً:
أحمد بن حنبل [ثقة حجة، إمام فقيه]، قال: حدثنا هشيم، قال: ثنا منصور وعبد الملك، عن عطاء، عن يعلى بن أمية، قال: جاء أعرابي إلى رسول الله ﷺ وعليه جبة، وعليه ردع من زعفران، فقال: يا رسول الله إني أحرمت فيما ترى، والناس يسخرون مني؟ وأطرق هنيهة، قال: ثم دعاه، فقال:«اخلع عنك هذه الجبة، واغسل عنك هذا الزعفران، واصنع في عمرتك كما تصنع في حجك». [أخرجه أحمد (٤/ ٢٢٤)].
ويؤيد ثبوتها ذكر بعضهم الصفرة في الحديث:
• فقد رواه همام بن يحيى حدثنا عطاء، قال: حدثني صفوان بن يعلى بن أمية، عن أبيه، أن رجلاً أتى النبي ﷺ وهو بالجعرانة وعليه جُبَّةٌ، وعليه أثر الخلوق، أو قال: صفرة، … وساق الحديث إلى أن قال: أين السائل عن العمرة؟ اخلع عنك الجبة، واغسل أثر الخلوق عنك، وأنق الصفرة، واصنع في عمرتك كما تصنع في حجك». لفظ أبي نعيم [عند البخاري (١٧٨٩)]، والصفرة من آثار الزعفران وغيره.
• ورواه وهب بن جرير بن حازم حدثنا أبي، قال: سمعت قيساً، يحدث عن عطاء، عن صفوان بن يعلى بن أمية، عن أبيه ﵁؛ أن رجلاً أتى النبي ﷺ وهو بالجعرانة، قد أهل بالعمرة، وهو مُصَفِّرٌ لحيته ورأسه، وعليه جُبَّة، فقال: يا رسول الله!