وقال ابن حزم: «نوح: ثقة مشهور؛ فالأخذ بهذه الزيادة واجب، ويجب إحداث الإحرام لمن أحرم في جبة متضمخا بصفرة معا - وإن كان جاهلا، لأن رسول الله ﷺ لم يأمر بذلك إلا من جمعها».
وقال البيهقي في الخلافيات (٣/ ١٨١) بعد نقل كلام النسائي: «هذه الزيادة: ثم أحدث إحراما: ليست بمحفوظة؛ فقد رواه مسدد عن يحيى القطان، وأبو عاصم، وإسماعيل بن علية، ومحمد بن بكر، وعيسى بن يونس، كلهم عن ابن جريج، دون ذكر هذه الزيادة.
ورواه همام بن يحيى، وقيس بن سعد، ورباح بن أبي معروف، وأبو بشر جعفر بن إياس، والليث، والحجاج، كلهم عن عطاء بن أبي رباح في هذا الحديث، لم يذكر واحد منهم هذه [الزيادة]، غير نوح بن حبيب عن يحيى بن سعيد عن ابن جريج، ولم يقبلها أهل العلم بالحديث منه.
وقد روينا عن النبي ﷺ: ﴿إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ﴾ … .».
• قلت: لا تحتمل هذه الزيادة من نوح بن حبيب القومسي البذشي، وهو وإن كان ثقة؛ إلا أنه من الغرباء غير المكثرين عن يحيى القطان، وله عنه إفرادات وغرائب.
وقد روى الحديث عن يحيى بن سعيد القطان بدونها: جمع من كبار الأئمة الحفاظ المتقنين، وهم: أحمد بن حنبل، وعمرو بن علي الفلاس، ومسدد بن مسرهد، ومحمد بن بشار بندار.
كما رواه عن ابن جريج بدونها أيضا: جمع من ثقات أصحابه، وهم: إسماعيل ابن علية، ومحمد بن بكر البرساني، وروح بن عبادة، وعيسى بن يونس، وأبو عاصم النبيل، وعثمان بن الهيثم.
فهي زيادة شاذة، غير محفوظة، والله أعلم.
• فإن قيل: رواية ابن جريج غير متصلة، وصورته مرسل، لأنه قال: أخبرني عطاء، قال: أخبرني صفوان بن يعلى بن أمية؛ أن يعلى كان يقول: … [انظر: الفتح (٣/ ٣٩٣)]
وصفوان لم يشهد هذه الواقعة، وهو هنا يحكيها حكاية، ولا يرويها رواية.
فيقال: قد رواه جمع من الثقات عن عطاء بن أبي رباح متصلا، منهم: همام بن يحيى، وعمرو بن دينار، وقيس بن سعد، والليث بن سعد، ورباح بن أبي معروف، وتابعهم: حجاج بن أرطاة. فرواية هؤلاء تدل على اتصاله.
ثانيا: أن الأنأنة في مثل ذلك تحمل على العنعنة، حيث يرويه صفوان بن يعلى، في قصة وقعت لأبيه مع النبي ﷺ، وفيها منقبة له، حيث رأى النبي ﷺ حين تنزل الوحي عليه، وفي مثل هذا يحرص دائما الوالد أن يخبر به أبناءه ليحملوا عنه هذه المنقبة؛ لتكون شرفا لهم من بعده، وقد جرت العادة بذلك؛ فلم يعد الأمر يحتاج إلى إسناد، لجريان
