ووجدته في كتابي في موضع آخر: عن سفيان، عن زياد بن سعد، عن أبي الزبير، عن أبي معبد، عن ابن عباس - ولم أر فيه: عن الفضل؛ أن النبي ﷺ قال:«ارتفعوا عن محسر».
أخرجه البزار (٦/ ١٠٥/ ٢١٦٤).
قلت: رواية الجماعة أولى بالصواب، وهذه الرواية تبين أن ابن عيينة كان يحدث به أحيانا على التوهم، فيزيد في الإسناد وينقص منه، وأنه كان يشك فيه أحيانا، وأنه قد حدث به وقد نسي.
* ورواه أحمد بن عمرو الخلال المكي: ثنا محمد بن أبي عمر العدني [محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني: حافظ صدوق، لازم ابن عيينة ثمانية عشر عاما]: ثنا سفيان بن عيينة، عن زياد بن سعد، وابن جريج، عن أبي الزبير، عن أبي معبد، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله ﷺ: «مزدلفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن محسر، وعليكم بمثل حصى الخذف».
أخرجه الطبراني في الكبير (١١/ ٤٢٣/ ١٢١٩٩).
قلت: هذا حديث غريب من حديث ابن أبي عمر العدني، حيث تفرد به: شيخ الطبراني، أحمد بن عمرو بن مسلم أبو بكر الخلال المكي: أكثر عنه الطبراني، ولم أر من تكلم فيه بجرح أو تعديل؛ فهو مجهول الحال [مولد العلماء ووفياتهم (٢/ ٦١٧). تاريخ الإسلام (٦/ ٨٨٧)]، وابن أبي عمر العدني: قد روى عنه جماعات من الثقات والحفاظ والمصنفين.
* وهذا الحديث قد رواه جماعة من ثقات أصحاب ابن عيينة، ومقدميهم: أحمد بن حنبل، والشافعي، وابن المديني [لكن شك سفيان في إسناده]، وأبو الأشعث أحمد بن المقدام العجلي، ومحمد بن كثير العبدي:
عن سفيان بن عيينة، عن زياد بن سعد، عن أبي الزبير، عن أبي معبد، عن ابن عباس.
وهذا إسناد صحيح، وقد صححه ابن خزيمة والحاكم، لكن هل سمع ابن عباس ذلك من النبي ﷺ، أم سمعه من أخيه الفضل بن العباس؟ قلت: يبدو لي أنهما حديثان، فإن حديث ابن عيينة لم يشتمل على القصة التي رواها الليث بن سعد وابن جريج وعمرو بن الحارث ويحيى بن سعيد الأنصاري عن أبي الزبير عن أبي معبد عن ابن عباس عن الفضل، ولم يشتمل من المتن الذي رواه الجماعة سوى على جملة:«وعليكم بمثل حصى الخذف»، ولهذا: فالأشبه أنهما حديثان، والله أعلم.
وقد يقال: إنه روي من وجه آخر يؤكد هذا المعنى الذي ذكرته:
* رواه عبد الله بن شبيب: حدثنا يحيى بن أبي قتيلة: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم [مدني، ثقة فقيه، من الثامنة]، عن مالك، عن زياد بن سعد، عن أبي الزبير، عن أبي