حتى يقال: إنه يقطع التلبية مع آخر حصاة، وإنما الذي يشهد له الأثر والواقع أن الحاج يقطع التلبية عند شروعه في رمي الحصاة الأولى من الحصيات السبع، وبذلك تنقطع التلبية عند ابتداء الرمي لا عند انتهائه، والله أعلم، وسيأتي نقل كلام الفقهاء على هذه الزيادة.
• ورواه محمد بن عبد الله الحضرمي [مطين: ثقة حافظ]: ثنا عون بن سلام [كوفي، ثقة]: ثنا يحيى بن العلاء، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن حسين، عن ابن عباس، عن الفضل بن عباس؛ أن النبي ﷺ أردفه غداة جمع خلفه، فلم يزل يلبي حتى رم جمرة العقبة، قال: رماها من تحتها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة تكبيرة، ثم نحر رسول الله ﷺ، فقال:«نحرت ههنا، ومنى كلها منحر، فانحروا في منازلكم».
أخرجه الطبراني في الكبير (١٨/٢٦٨ /٦٧٣)[وبمتنه تحريف].
قلت: يحيى بن العلاء البجلي الرازي: كذاب، يضع الحديث [التهذيب (٤/ ٣٨٠). الميزان (٤/ ٣٩٧)].
• ورواه محمد بن يحيى بن منده الأصبهاني [ثقة حافظ. الجرح والتعديل (٨/ ١٢٥). طبقات المحدثين (٣/ ٤٤٢). السير (١٤/ ١٨٨). تاريخ الإسلام (٧/٤٤)]: حدثنا أبو كريب [محمد بن العلاء: ثقة حافظ]: حدثنا محمد بن الصلت، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن حسين، عن ابن عباس، عن الفضل بن عباس؛ أن النبي ﷺ نحر عند جمرة العقبة، فقال:«نحرت ههنا، ومنى كلها منحر، فانحروا في منازلكم».
أخرجه الطبراني في الكبير (١٨/ ٢٦٩/ ٧٦٤).
قلت: هذا إسناد لا يثبت؛ حتى تُعلَم الواسطة بين محمد بن الصلت، وبين جعفر بن محمد الصادق، ومحمد بن الصلت يحتمل أن يكون هو: ابن الحجاج الكوفي الأصم [وهو: ثقة، من كبار العاشرة، مات سنة (٢١٨)]، ويحتمل أن يكون أبا يعلى التوزي [البصري وهو: صدوق، من العاشرة مات سنة (٢٢٨)]، وإن كان يغلب على الظن أنه الأول، لكنه في كلا الحالين لم يدرك جعفر بن محمد؛ فإنه من الطبقة السادسة، ومات سنة (١٤٨)، وقد وجدت في الأسانيد أن محمد بن الصلت يروي عن جعفر بن محمد بواسطة: سفيان بن عيينة، أو شيخ من بني تميم، أو غياث بن إبراهيم [وهذا الأخير: كذاب، يضع الحديث. اللسان (٦/ ٣١١)]، فالله أعلم.
• نرجع بعد ذلك إلى حديث عمر بن حفص الشيباني، والذي تفرد فيه عن حفص بن غياث بهذه الزيادة المنكرة:
قال ابن خزيمة: «فهذا الخبر يصرح أنه قطع التلبية مع آخر حصاة لا مع أولها، فإن لم يفهم بعض طلبة العلم هذا الجنس الذي ذكرنا في الوقت، فأكثر ما في هذين الخبرين أن ابن [مسعود] لو قال: لم يلب النبي ﷺ بعد أول حصاة رماها، وقال الفضل: لبي بعد ذلك حتى رمى الحصاة السابعة، فكل من يفهم العلم، ويحسن الفقه، ولا يكابر عقله،