فقلت: يا أبا عبد الرحمن، إن هذه الساعة ما رأيتك تصلي فيها قط، فقال: إن رسول الله ﷺ كان لا يصلي - يعني: هذه الصلاة - إلا هذه الساعة في هذا المكان، من هذا اليوم. قال عبد الله: هما صلاتان تحولان عن وقتهما، صلاة المغرب بعد ما يأتي الناس من مزدلفة، وصلاة الغداة حين يبزغ الفجر، رأيت رسول الله ﷺ يفعل ذلك.
أخرجه البخاري (١٦٧٥)، والطحاوي في شرح المعاني (١/ ١٧٧/ ١٠٦١)، وفي أحكام القرآن (٢/ ١٦٨/ ١٤٧٢)، وابن حزم في حجة الوداع (١١٢). [التحفة (٦/ ٣٥١/ ٩٣٩٠)، الإتحاف (١٠/ ٣٣١/ ١٢٨٧٣)، المسند المصنف (١٨/ ٢٦٥/ ٨٥٤٩)].
احتج به البخاري، وبوب عليه بقوله:«باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما».
قلت: وقع في رواية زهير عن أبي إسحاق: ثم صلى المغرب، وصلى بعدها ركعتين.
والصواب: أن ابن مسعود لم يصل بينهما، وإنما فصل بين المغرب والعشاء بتناول طعام العشاء، كما نص على ذلك: عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن جده أبي إسحاق، حيث قال في رواية الطحاوي:«فلما أتى جمعاً صلى الصلاتين كل واحدة منهما بأذان وإقامة، ولم يصل بينهما». وقال في رواية عبد الله بن رجاء عند البخاري:«فصلى الصلاتين كل صلاة وحدها بأذان وإقامة، والعشاء بينهما»، والله أعلم.
• ورواه محمد بن عمرو بن خالد الحراني [أبو علاثة المصري: روى عنه الطبراني والعقيلي والدولابي وغيرهم وقال ابن يونس: «كان ثقة». المقفى الكبير (٦/ ٤٤٨). بيان الوهم (٣/ ٥٣٥/ ١٣١٥). تاريخ الإسلام (٢٢/ ٢٨٦)]، قال: حدثني أبي [ثقة]، قال: حدثنا زهير، قال: حدثنا أبو إسحاق، قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد، قال: حج عبد الله، فأمرني علقمة أن ألزمه، فلزمته، فكنت معه، فكان يعجل الظهر ويؤخر العصر، ويعجل المغرب ويؤخر العشاء، ويُسفر بصلاة الغداة، فكنت معه حتى أتينا عرفات، فأتينا الموقف، فوقف وأنا إلى جانبه، فلما توارت الشمس بالحجاب، قال عبد الله: لو أن أمير المؤمنين - وهو عثمان - أفاض الآن! قال: فلم يكن كلامه حتى أفاض، فكان عبد الله يسير على هيئته والناس يزحفون، وكان عبد الله يلبي بعدما أفاض من عرفة، فسمعه رجل فقال: من هذا الذي يلبي في هذا المكان؟ فقال عبد الله: لبيك عدد التراب لبيك، قال عبد الرحمن: لم أسمعه قالها قبل ولا بعد، فأتينا المزدلفة حين الأذان بالعتمة أو قريباً من ذلك، فأمر رجلاً فأذن فأقام، ثم صلى المغرب، وصلى بعده ركعتين، ثم دعا بعشائه فتعشى، ثم أمر فأذن فأقام، ثم صلى العشاء الآخرة، فلما كان حين طلع الفجر، قال: أقم، فقلت: يا أبا عبد الرحمن! إن هذه لساعة ما رأيتك صليت فيها قط، فقال: إن رسول الله ﷺ كان لا يصلي هذه الساعة إلا هذه الصلاة في هذا المكان من هذا اليوم.
قال عبد الله: هما صلاتان تحولان عن وقتهما: صلاة المغرب بعدما يأتي المزدلفة، وصلاة الغداة حين يبزغ الفجر، وقال: رأيت رسول الله ﷺ يفعل ذلك.