للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وهذا يؤكده بعض الروايات عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر، والتي جاء فيها: رمل رسول الله من الحَجَر إلى الحَجَر ثلاثاً، ومشى أربعاً.

وهذا صريح في مواصلة الرمل من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود، وترك المشي بين الركنين، وكان ذلك في حجة الوداع، بقرينة تقييده بالطواف الأول:

أن رسول الله كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول؛ رمل ثلاثة ومشى أربعة من الحجر إلى الحجر.

ورواه موسى بن عقبة، وفليح بن سليمان، وكثير بن فرقد، وعبد الله بن عمر العمري:

عن نافع، عن ابن عمر؛ أن رسول الله كان إذا طاف في الحج والعمرة أول ما يقدم، فإنه يسعى ثلاثة أطواف بالبيت، ثم يمشي أربعة، ثم يصلي سجدتين، ثم يطوف بين الصفا والمروة. لفظ موسى [عند البخاري (١٦١٦)، ومسلم (١٢٦١/ ٢٣١) واللفظ له].

ولفظ فليح [عند البخاري]: قال: سعى النبي ثلاثة أشواط ومشى أربعة، في الحج والعمرة.

أخرجه البخاري (١٦٠٤ و ١٦١٦)، ومسلم (١٢٦١/ ٢٣١). [تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (١٨٠٥)].

وأسعد الناس بالسنة أشدهم متابعة للدليل، فنقف حيث وقف القوم، ولا نضرب النصوص ببعضها، والأصل أن الحكم الشرعي يدور مع علته وجوداً وعدماً، ومن نفى التعليل والقياس فإنه يورد نفسه الموارد.

ومع ذلك: يمكن أن نقول: إن بقاء الرمل مع زوال سببه فيه تذكير للمسلمين بفضل الله تعالى ونعمته عليهم، بأن مكنهم من عدوهم بعد أن كانوا مستضعفين، كما قال تعالى في سورة الأنفال: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ، وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.

وأما مسألة وجوب الفسخ، والإلزام بالمتعة لمن لم يسق الهدي في حجة الوداع؛ إنما كان منوطاً بما استقر في أذهان المشركين من عدم جواز العمرة في أشهر الحج، وأن فعل ذلك كان عندهم من أفجر الفجور، فكان هذا الإلزام للصحابة بالفسخ والمتعة لكي يزول هذا الاعتقاد، فلما زال عاد الحكم لأصله على الإباحة، والله أعلم.

وآخراً: فإن الفسخ جائز لمن قدم مكة مفرداً بالحج، أو قارناً ولم يسق الهدي، فإن شاء فسخ حجه إلى عمرة مستمتعاً بها إلى الحج، وإن شاء بقي على إحرامه فلا يحل منه إلا يوم النحر، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

ثم استطرد ابن حزم بعد ذلك في الرد على بعض ما أتى به الطحاوي من العجائب التي أحببت أن لا أذكرها، لعدم الفائدة من ذكرها سوى التشغيب على ذهن القارئ، والله المستعان. [وانظر: المحلى (٥/ ٩٨)].

<<  <  ج: ص:  >  >>