للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

بالتمتع بالعمرة إلى الحج، أو بالقرآن بين العمرة والحج، وأن الصحابة كانوا يستعظمون إيقاع العمرة في أشهر الحج.

فإن قيل: فلماذا خص طائفة دون طائفة بالفسخ، ولم يعمهم جميعاً؟ ولو أراد أن يعلمهم جواز العمرة في أشهر الحج لما خص الأمر بالفسخ من لا هدي معه؟ فيقال: قد أجاب عن ذلك النبي :

فقد سألت حفصة زوج النبي النبي فقالت: يا رسول الله، ما شأن الناس قد حَلُّوا، ولم تحلل أنتَ من عمرتك؟ فقال: «إني لبدتُّ رأسي، وقلَّدتُ هَديي فلا أَحِلُّ حتى أنحر». [أخرجه البخاري (١٥٦٦ و ١٧٢٥ و ٥٩١٦)، ومسلم (١٧٦/ ١٢٢٩)، وتقدم تخريجه برقم (١٨٠٦)].

وقد جاءت عامة النصوص تفرق بين من ساق الهدي ومن لم يسق الهدي في ذلك، ولهذا واساهم النبي حين قال لهم: «افعلوا ما آمركم به، فإني لولا أني سقتُ الهدي، لفعلتُ مثل الذي أمرتكم به، ولكن لا يحلّ مني حرام، حتى يبلغ الهدي محله» [تقدم ذكره آنفاً من حديث جابر]، وفي رواية: «إني لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت، ولولا أن معي الهدي لحللت»، فدل ذلك على بقاء هذا الحكم من مناسك الحج فلم يدخله التغيير والنسخ، وأن من ساق الهدي لزمه أن لا يحل حتى ينحر هديه يوم النحر، فدعوى الإلزام بما لا يلزم التي ادعاها هذا المدعي من باب التعنت ومصادمة الشريعة.

وأما دعوى لزوم الحكم أبداً، ولو مع زوال سببه وعلته، فيقال: قد استشهد على صحة دعواه ببقاء الرمل في الطواف مع زوال سببه، والرد على عدم صحة إلحاق هذا بهذا من وجهين:

الأول: أن عمر بن الخطاب قد ترك العمل بالأول فيما اشتهر عنه اجتهاداً منه، ليبين عدم لزومه للمكلفين، وأن الأمر على السعة في اختيار المكلف النسك الذي يسره الله له، وأنه مخير بين الأنساك الثلاثة المتعة والقرآن والإفراد، وقد وافقه على ذلك بقية الخلفاء الأربعة، وبعض كبار الصحابة، بل وعامة المهاجرين والأنصار، وقد تقدم بيان ذلك مفصلاً في موضعه، بينما في الثاني: نجد عمر بن الخطاب ممن يقر العمل به مع زوال سببه:

فقد رو محمد بن جعفر بن أبي كثير قال: أخبرني زيد بن أسلم، عن أبيه؛ أن عمر بن الخطاب قال للركن: أما والله إني لأعلم أنك حجر، لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي استلمك ما استلمتك فاستلمه، ثم قال: فما لنا وللرمل، إنما كنا راعينا به المشركين، وقد أهلكهم الله، ثم قال: شيء صنعه النبي ، فلا نحب أن نتركه.

أخرجه البخاري (١٦٠٥). [التحفة (١٠٣٨٦). المسند المصنف (٢٢/ ٢٢٤/ ١٠٠٥٢)] [وسوف يأتي تخريجه إن شاء الله تعالى عند الحديث رقم (١٨٨٧)].

<<  <  ج: ص:  >  >>