فقال رسول الله ﷺ:«من أحب أن يهل بعمرة فليهل، ومن أحب أن يهل بحجة فليهل، ولولا أني أهديت لأهللت بعمرة»، فمنهم من أهل بعمرة، ومنهم من أهل بحجة، وكنتُ ممن أهل بعمرة، … الحديث [راجع الحديث رقم (١٧٧٨)].
ومنها: ما رواه مالك، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، عن عروة بن الزبير، عن عائشة زوج النبي ﷺ، قالت: خرجنا مع رسول الله ﷺ عام حجة الوداع، فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج وعمرة، ومنا من أهل بالحج، … الحديث [راجع الحديث رقم (١٧٧٩)].
ويجاب عن ذلك: بأن هذا الأمر لم يبلغ جميع الصحابة، بل منهم من جزم بأن عامة الصحابة كانوا مهلين بالحج فقط، لم يخلطوه بعمرة راجع في ذلك أحاديث الإفراد، مثل حديث عائشة، وجابر، بل وقع اعتراض من الصحابة على التحلل قبل يوم النحر، وكل ذلك يدل على إنكارهم للعمرة في أشهر الحج:
فمن ذلك: ما رواه ابن جريج: أخبرني عطاء بن أبي رباح، قال: سمعت جابر بن عبد الله ﵄ في ناس معي، قال: أهللنا أصحاب محمد ﷺ بالحج خالصاً وحده، قال عطاء: قال جابر: فقدم النبي ﷺ صبح رابعة مضت من ذي الحجة، فأمرنا أن نحل، قال عطاء: قال: «حِلُّوا، وأصيبوا النساء»، قال عطاء: ولم يعزم عليهم، ولكن أحلهن لهم، فقلنا: لما لم يكن بيننا وبين عرفة إلا خمس؛ أمرنا أن نفضي إلى نسائنا، فنأتي عرفة تقطر مذاكيرنا المني، قال: يقول جابر بيده - كأني أنظر إلى قوله بيده يحركها - قال: فقام النبي ﷺ فينا، فقال:«قد علمتم أني أتقاكم الله وأصدقكم وأبرّكم، ولولا هديي لحللت كما تحلُّون، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي، فحلّوا»، فحللنا وسمعنا وأطعنا.
قال عطاء: قال جابر: فقدم علي من سعايته، فقال:«بم أهللت؟»، قال: بما أهل به النبي ﷺ، فقال له رسول الله ﷺ:«فاهد وامكث حراماً»، قال: وأهدى له علي هدياً. فقال سراقة بن مالك بن جعشم: يا رسول الله! ألعامنا هذا أم لأبد؟ فقال:«لأبد».
لفظ يحيى القطان [عند مسلم].
ولفظ محمد بن بكر [موصولاً عند أبي عوانة (٣٧٨٦)، ومعلقاً عند البخاري (٧٣٦٧)]، قال: حدثنا ابن جريج، قال: أخبرني عطاء، قال: سمعت جابر بن عبد الله في أناس معه، قال: أهللنا أصحاب رسول الله ﷺ في الحج خالصاً، ليس معه عمرة، قال عطاء: قال جابر: فقدم النبي ﷺ صبح رابعة مضت من ذي الحجة، فلما قدمنا أمرنا النبي ﷺ أن نحل، وقال:«أحِلُّوا، وأصيبوا من النساء»، قال عطاء: قال جابر: ولم يعزم عليهم، ولكن أحلَّهنَّ لهم، [قال عطاء: قال جابر:] فبلغه أنا نقول: لما لم يكن بيننا وبين عرفة إلا خمس أمرنا أن نحل إلى نسائنا فنأتي عرفة تقطر مذاكيرنا المذي [وفي رواية المستملي: المني، وكذا عند أبي عوانة]، قال: ويقول جابر بيده هكذا وحركها، فقام رسول الله ﷺ[فينا]، فقال: «قد علمتم أني أتقاكم الله وأصدقكم وأبرّكم، ولولا هديي