خاصة ولا لعامهم ذلك؛ مرسلاً من طريق: عبد الرزاق، عن مجاهد، وطاووس، ومسروق، ولسنا نحتج بهذه المرسلات، وإنما نحتج بالمسائل التي ذكرنا، وإنما نبهنا على هذه المراسيل؛ حجة على من يرى أن المسند مثل المرسل».
ثم قال:«وقد حاجَّ الطحاوي في هذا المكان، فقال لنا: معنى قوله ﵇: «لأبد الأبد»؛ إنما عنى بذلك جواز العمرة في أشهر الحج.
وليس في المجاهرة برد الحق أقبح من هذا؛ لأن الحديث الذي ذكرنا آنفاً يكذب قول الطحاوي، لأن سراقة بين فيه من طريق ابن عباس وجابر؛ أنه إنما سأل النبي ﷺ عن المتعة التي هي فسخ الحج، لا عن جواز العمرة من أشهر الحج، لأنه إنما سأله بعقب أمره ﷺ من لا هدي معه بفسخ الحج، فقال له سراقة: هي لنا أم للأبد؟ فأجابه ﵇ عما سأله، لا عما لم يسأله.
وفي الحديث الذي ذكرنا أيضاً معه من طريق ابن عباس: اتصال قوله ﵇: «إن العمرة دخلت في الحج إلى يوم القيامة، بأمره ﵇ من لا هدي معه بالإحلال، فبين بياناً جلياً أن فسخ الحج لمن لا هدي معه في عمرة باقٍ إلى يوم القيامة، فبطل بذلك دعوى الخصوص والفسخ والتأويلات جملة».
ثم انتقل ابن حزم بعد ذلك إلى الرد على من استعمل حديث وهيب بن خالد، قال: حدثنا عبد الله بن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس ﵄، قال: كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض، ويجعلون المحرَّم صَفَراً، ويقولون: إذا بَرَأ الدُّبَر، وعفا الأَثَرِ، وانسَلَخَ صَفَر؛ حلَّت العمرة لمن اعتمر، فقدم النبي ﷺ وأصحابه صبيحة رابعة، مهلين بالحج، فأمرهم أن يجعلوها عمرة، فتعاظم ذلك عندهم، فقالوا: يا رسول الله، أيُّ الحل؟ قال:«الحلّ كله». [أخرجه البخاري (١٥٦٤ و ٣٨٣٢)، ومسلم (١٢٤٠/ ١٩٨)، وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (١٧٩٢)]، رد ابن حزم على من استعمله في تخصيص النصوص الواردة بإلزام بالصحابة بالمتعة والفسخ بعامهم هذا، وبحجة الوداع فقط، وأما من يأتي بعدهم من الأمة فتصير المتعة في حقهم على الجواز، وكذلك فسخ الحج إلى عمرة يكون أيضاً على الجواز، وتكون النصوص الدالة على عدم النسخ دالة على بقاء أصل الحكم، رد على من قال بهذا القول، حيث قال (٣٧٦): «فقال قائلهم: إن النبي ﷺ إنما أمرهم بفسخ الحج في عمرة ليريهم جواز العمرة في أشهر الحج، وليوقفهم على إباحتها عملاً وقولاً، بخلاف ما كانوا يعتقدون من تحريمها في أشهر الحج»، ثم قال:«وهذا القول باطل من وجوه تسعة».
ويمكن الإجابة عنها اختصاراً، بأن ما قاله ابن حزم بعضه من الإلزام بما لا يلزم، وبعضه قائم على نفي التعليل لأحكام الشرع، وأن حكم الشرع يدور مع علته وجوداً وعدماً.
• ومنه: ما يقابل بضده، فكما يقال بأن أبا بكر وعمر وعثمان وأبا ذر قد رأوا في