عليه»، لكنه أخرجه من طريق: أحمد بن صالح: حدثنا عنبسة: أخبرني يونس - هو: ابن يزيد ـ، عن ابن شهاب، عن كريب مولى ابن عباس؛ أنه حدثه عن ابن عباس؛ أن رسول الله ﷺ أمر أن يحلوا بعمرة من حجة الوداع، وأن الرجل كان يأتي النبي ﷺ، فيقول: يا رسول الله! إنه الحج! فيقول له رسول الله ﷺ: «إنها ليست بحجة، إنما هي عمرة».
فلذلك كان يفتي ابن عباس، فيقول: ما طاف رجل بالبيت وكان حاجاً إلا حل بعمرة إذا لم يكن معه هدي، ولا طاف ومعه هدي إلا اجتمعت معه عمرة وحجة. [وهذا حديث غريب، ولا يثبت من حديث يونس عن الزهري][وإنما يثبت هذا من حديث ابن إسحاق عن الزهري به] [راجع: الجزء الرابع والعشرين، الحديث رقم (١٧٥٣)].
ثم أسند حديث أبي موسى الأشعري، ثم قال:«فإذا كان ابن عباس يفتي بذلك باقي عمره، وكان أبو موسى يفتي بذلك في خلافة أبي بكر الصديق ﵃، ولا يريان ذلك منسوخاً، فعلى من ادعى النسخ الدليل على ما يدعي، وقد كفانا ابن عباس الاحتجاج في هذا بما في حديث عطاء عنه الذي ذكرناه آنفاً، إذ يحتج في ذلك بقول الله ﷿ ﴿ثُمَّ يَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٣٣]، وبأمر النبي ﷺ، فقد شهد القرآن والسنة لقول من رأى الفسخ ثابتاً غير منسوخ، وقد قال الطحاوي في قول أبي ذر: إن ذلك منسوخ، يعني المتعة: إن هذا لا يقال بالرأي»، ثم قال ابن حزم:«هذا قول فاسد، بل ما هو إلا رأي لا شك فيه، قد قال بأنه رأي قبلنا: عمران بن الحصين»، ثم أسند حديث عمران، وفيه قول عمران:«قال رجل برأيه ما شاء»، ثم قال ابن حزم:«فعمران أحق بالتصديق من الطحاوي، وقد قال عمران: إن من ادعى نسخ متعة الحج، فإنما قال ذلك برأيه، وإنها باقية غير منسوخة، وقد جاء نصاً عن النبي ﷺ خلاف قول أبي ذر وعثمان ﵄، وبيان أن المتعة باقية غير منسوخة»، ثم أسند حديث سراقة من وجه لا يثبت، وإن قد ثبت من وجوه كثيرة من حديث جابر وابن عباس، ثم قال: فصح أن قول أبي ذر، وعثمان، وعمر في ذلك رأي من قبلهم، وقد رجع عمر عن ذلك، واضطربت الرواية عن عثمان، وقد ذكرنا كل ذلك في هذا الباب، وقد قال بثبات المتعة أبداً: علي، وسعد بن أبي وقاص، وابن عمر، وابن عباس، وسعيد بن المسيب، وجمهور التابعين.
هذا وخصومنا مخالفون لقول أبي ذر الصحيح عنه، ولقول عثمان الذي ذكرنا؛ لأن الصحيح عن أبي ذر: إنما هو من طريق إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر، وإنما فيه وفي قول عثمان: أن المتعة ليست لمن بعدهم، وخصومنا ها هنا بأجمعهم من المالكي والحنفي والشافعي والداودي مجمعون على مخالفة هذا القول، وقائلون بأن المتعة في الحج باقية غير مخصوصة، وثابتة غير منسوخة.
وأما الرواية عن أبي ذر؛ فإنما رواه المرقع الأسدي، وهو: مجهول، وموسى بن عبيدة، وهو: ضعيف، وسليمان أو سليم، هذا بالشك وهو أيضاً: مجهول، فلا تعلق لهم بشيء من هذه الرواية أصلاً.