وقال ابن عبد الهادي في التنقيح (٣/ ٤٤٢) بعد أن ساق كلام أحمد والدارقطني: «والحارث هذا: ليس بالمشهور، ولا نعلم روى عنه غير ربيعة.
قال الإمام أحمد بن حنبل: حديث بلال بن الحارث عندي ليس يثبت، ولا أقول به، ولا يعرف هذا الرجل. يعني الحارث بن بلال، ثم ساق بقية كلام أحمد، وقد تقدم مراراً.
وكذلك نقل الذهبي في الميزان (١/ ٤٣٢) كلام أحمد في الحارث بن بلال.
لكنه قال في المهذب في اختصار السنن الكبرى (٤/ ١٧٨٤): «سنده صالح، أخرجه (د س ق)».
وقال ابن القيم في زاد المعاد (٢/ ٢٣٥ - ط عطاءات العلم): «وأما حديثه المرفوع؛ حديث بلال بن الحارث؛ فحديث لا يثبت، ولا يعارض بمثله تلك الأساطين الثابتة.
قال عبد الله بن أحمد: كان أبي يرى للمهل بالحج أن يفسخ حجه إذا طاف بالبيت وبين الصفا والمروة. وقال في المتعة: هو آخر الأمرين من رسول الله ﷺ. وقال ﷺ: ﴿اجعلوا حجكم عمرة﴾. قال عبد الله: فقلت لأبي: فحديث بلال بن الحارث في فسخ الحج، يعني: قوله: لنا خاصة؟ قال: لا أقول به، لا يعرف هذا الرجل، هذا حديث ليس إسناده بالمعروف، ليس حديث بلال بن الحارث عندي يثبت هذا لفظه.
قلت: ومما يدل على صحة قول الإمام أحمد، وأن هذا الحديث لا يصح: أن النبي ﷺ أخبر عن تلك المتعة التي أمرهم أن يفسخوا حجهم إليها أنها لأبد الأبد، فكيف يثبت عنه بعد هذا أنها لهم خاصة؟ هذا من أمحل المحال.
وكيف يأمرهم بالفسخ ويقول: «دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة»، ثم يثبت عنه أن ذلك مختص بالصحابة دون من بعدهم؟ فنحن نشهد بالله! أن حديث بلال بن الحارث هذا لا يصح عن رسول الله ﷺ، وهو غلط عليه. وكيف تقدم رواية بلال بن الحارث على روايات الثقات الأثبات حملة العلم الذين رووا عن رسول الله ﷺ خلاف روايته؟
ثم كيف يكون هذا ثابتاً عن رسول الله ﷺ، وابن عباس يفتي بخلافه، ويناظر عليه طول عمره بمشهد من الخاص والعام، وأصحاب رسول الله ﷺ متوافرون، ولا يقول له رجل واحد منهم: هذا كان مختصاً بنا ليس لغيرنا، حتى يظهر بعد موت الصحابة أن أبا ذر كان يرى ويروي اختصاص ذلك بهم؟».
قلت: نعم؛ هو حديث منكر، وغلط على رسول الله ﷺ، ويكفي معارضته الصريحة لحديث سراقة بن مالك، وهو حديث مشهور مروي من طرق كثيرة صحيحة من حديث جابر وابن عباس في الصحيحين وغيرهما.
وأما ابن عباس، فقد عورض في قوله وفتواه، ولم يتابع عليها، حيث خالف قول الخلفاء الراشدين، وقول أبي ذر، وهو أكبر سناً، وأقدم وفاة من ابن عباس، وقد عارض ابن عباس: عبد الله بن الزبير، وعروة بن الزبير.