للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أن هذا الفسخ ليس مختصاً بكم، ولا بعامكم هذا، فقال: «بل لأبد»، يعني: ولمن بعدكم أيضاً، فكيف يقال بعد ذلك: لا تعارض!

• وقال ابن تيمية في شرح العمدة (٤/ ٣٤٩): «وأما حديث الحارث بن بلال عن أبيه، قال عبد الله: قيل لأبي: حديث بلال بن الحارث؟ قال: لا أقول به، ولا نعرف هذا الرجل، ولم يروه إلا الدراوردي.

وقال أيضاً: حديث بلال عندي ليس يثبت؛ لأن الأحاديث التي تروى عن النبي أنه قال: «اجعلوا حجكم عمرة»، و «لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي»، فحل الناس مع النبي .

وقال أيضاً: هذا حديث ليس إسناده بالمعروف، وإنما يروى عن أبي ذر: إنما كانت المتعة لنا خاصة، يعني: متعة الحج.

وقال أيضاً في رواية الفضل وابن هانئ من الحارث بن بلال؟ ومن روى عنه؟ أبوه من أصحاب النبي ، فأما هو فلا.

وقال في رواية الميموني: أرأيت لو عُرف الحارث بن بلال، إلا أن أحد عشر رجلاً من أصحاب النبي يروون ما يرون من الفسخ، أين يقع بلال بن الحارث منهم؟

وقال في رواية أبي داود: ليس يصح حديث في أن الفسخ كان لهم خاصة، وهذا أبو موسى الأشعري يفتي به في خلافة أبي بكر وصدر من خلافة عمر.

فقد ضعف أحمد هذا الحديث لجهل الراوي، وأنه لا يعرف الحارث بن بلال، لا سيما وقد انفرد به الدراوردي عن ربيعة، ولم يروه عنه مثل مالك ونحوه.

وتخصيصهم بهذا الحديث ترك للعمل بتلك الأحاديث المستفيضة، وهو مثل النسخ لها.

ومثل هذا الإسناد لا يبطل حكم تلك الأحاديث، ثم بين أحمد أنه يخالف تلك الأحاديث ويعارضها، وهو حديث شاذ؛ لأن الحديث الشاذ هو الذي يتضمن خلاف ما تضمنته الأحاديث المشهورة، فلو كان راويه معروفاً لوجب تقديمها عليه؛ لأن قوله : «اجعلوا حجكم عمرة»، و «لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي»؛ فعم، ولم يذكر أن هذا مختص بهم، ولو كان ذلك مخصوصاً بهم لوجب بيانه لهم، ولم يؤخر ذلك حتى سأله بلال بن الحارث.

وقد بين لهم في الحديث الصحيح أن هذا ليس لهم خاصة، وإنما هو للناس عامة على ما ذكرناه، فدلالة تلك الأحاديث على عموم حكم الفسخ: دليل على ضعف هذا الحديث لو كان راويه معروفاً بالعدل، ودليل على أن هذا الحديث ليس بمضبوط ولا محفوظ.

ولو كان هذا صحيحاً لكان له من الظهور والشياع ما لا خفاء به، ولكان النبي قد بينه بياناً عاماً».

<<  <  ج: ص:  >  >>