للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

إلى هذا، وقد اختلف لفظه، ففي أصح الطريقين عنه: قوله مخالف لكتاب الله تعالى، وقول رسول الله ، وإجماع المسلمين، وسنن رسول الله الثابتة الصحيحة، فلا يحل الاحتجاج به.

وأما قياسهم في مقابلة قول رسول الله فلا يقبل، على أن قياس الحج على العمرة في هذا لا يصح، فإنه يجوز قلب الحج إلى العمرة في حق من فاته الحج، ومن حصر عن عرفة، والعمرة لا تصير حجاً بحال.

ولأن فسخ الحج إلى العمرة يصير به متمتعاً، فتحصل الفضيلة، وفسخ العمرة إلى الحج يفوت الفضيلة، ولا يلزم من مشروعية ما يحصل به الفضيلة مشروعية تفويتها».

وانظر: الأحكام الوسطى لعبد الحق الإشبيلي (٢/ ٣١٧).

قال ابن القطان في بيان الوهم (٣/ ٤٦٧) متعقباً إياه: «وذكر من طريق أبي داود: عن بلال بن الحارث، قال: قلت: يا رسول الله ، فسخ الحج لنا خاصة أو لمن بعدنا؟ قال: «بل لكم خاصة».

ثم قال: الصحيح في هذا: قول أبي ذر، غير مرفوع إلى النبي ، خرجه مسلم.

هكذا قال في حديث بلال، ولم يبين علته».

ثم قال: «الحارث بن بلال هذا: لا يعرف حاله، وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل:

سألت أبي عن حديث بلال بن الحارث المزني، في فسخ الحج، فقال: لا أقول به، وليس إسناده بالمعروف، ولم يروه إلا الدراوردي وحده».

وقال النووي في المجموع (٧/ ١٦٩): «واحتج أصحابنا وموافقوهم للتخصيص بحديث الحارث بن بلال بن الحارث، عن أبيه قال: قلت يا رسول الله! أرأيت فسخ الحج إلى العمرة، لنا خاصة أم للناس عامة؟ فقال رسول الله : «بل لكم خاصة». رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وغيرهم، وإسناده صحيح؛ إلا الحارث بن بلال، ولم أر في الحارث جرحاً ولا تعديلاً، وقد رواه أبو داود ولم يضعفه، وقد ذكرنا مرات أن ما لم يضعفه أبو داود فهو حديث حسن عنده؛ إلا أن يوجد فيه ما يقتضي ضعفه، وقال الإمام أحمد بن حنبل: هذا الحديث لا يثبت عندي، ولا أقول به، قال: وقد روى الفسخ أحد عشر صحابياً أين يقع الحارث بن بلال منهم.

قلت: لا معارضة بينهم وبينه حتى يقدموا عليه؛ لأنهم أثبتوا الفسخ للصحابة، ولم يذكروا حكم غيرهم، وقد وافقهم الحارث بن بلال في إثبات الفسخ للصحابة، لكنه زاد زيادة لا تخالفهم، وهي اختصاص الفسخ بهم».

قلت: لم يثبت حديث صحيح مرفوع في كون الفسخ خاصاً بالصحابة، وإنما ثبت من قول أبي ذر ويحتمل التأويل، كما تقدم بيانه، لكن حديث بلال بن الحارث هذا مصادم لحديث جابر وابن عباس في قصة سراقة، حين سأل عن فسخ الحج إلى عمرة، فقال: عمرتنا هذه لعامنا هذا، أم لأبد؟ وهو عين سؤال بلال بن الحارث، فكان جواب النبي

<<  <  ج: ص:  >  >>