للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وروي أيضاً عن المرقع الأسدي، عن أبي ذر، قال: كان ما أذن لنا رسول الله حين دخلنا مكة، أن نجعلها عمرة، ونحل من كل شيء، أن تلك كانت لنا خاصة، رخصة من رسول الله دون جميع الناس.

ولنا: أنه قد صح عن رسول الله أنه أمر أصحابه في حجة الوداع الذين أفردوا الحج وقرنوا، أن يحلوا كلهم، ويجعلوها عمرة، إلا من كان معه الهدي، وثبت ذلك في أحاديث كثيرة، متفق عليهن [كذا]، بحيث يقرب من التواتر والقطع، ولم يختلف في صحة ذلك وثبوته عن النبي أحد من أهل العلم علمناه. وذكر أبو حفص في شرحه، قال: سمعت أبا عبد الله ابن بطة، يقول: سمعت أبا بكر ابن أيوب، يقول: سمعت إبراهيم الحربي، يقول، وسئل عن فسخ الحج؟ فقال: قال سلمة بن شبيب لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد الله، كل شيء منك حسن جميل، إلا خلة واحدة. فقال: وما هي؟ قال: تقول بفسخ الحج. فقال أحمد: قد كنت أرى أن لك عقلاً، عندي ثمانية عشر حديثاً صحاحاً جياداً، كلها في فسخ الحج، أتركها لقولك، وقد روى فسخ الحج: ابن عمر، وابن عباس، وجابر، وعائشة، وأحاديثهم متفق عليها. ورواه غيرهم، وأحاديثهم كلها صحاح.

قال أحمد: روي الفسخ عن النبي من حديث جابر، وعائشة، وأسماء، والبراء، وابن عمر، وسبرة الجهني، وفي لفظ حديث جابر، قال: أهللنا أصحاب رسول الله بالحج خالصا وحده، وليس معه عمرة، فقدم النبي صبح رابعة مضت من ذي الحجة، فلما قدمنا أمرنا النبي أن نحل، قال: «حلوا، وأصيبوا من النساء»، قال: فبلغه عنا أنا نقول: لم يكن بيننا وبين عرفة إلا خمس ليال، أمرنا أن نحل إلى نسائنا، فنأتي عرفة تقطر مذاكيرنا المني، قال: فقام رسول الله فقال: «قد علمتم أني أتقاكم الله، وأصدقكم، وأبركم، ولولا هديي لحللت كما تحلون، فحلوا، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت» قال: فحللنا، وسمعنا وأطعنا. قال: فقال سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي: متعتنا هذه يا رسول الله لعامنا هذا، أم للأبد؟ فظنه محمد بن بكر، أنه قال: «للأبد». متفق عليه.

فأما حديثهم: فقال أحمد: روى هذا الحديث الحارث بن بلال، فمن الحارث بن بلال؟ يعني: أنه مجهول، ولم يروه إلا الدراوردي، وحديث أبي ذر: رواه مرقع الأسدي، فمن مرقع الأسدي؟ شاعر من أهل الكوفة، ولم يلق أبا ذر.

فقيل له: أفليس قد روى الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر؟ قال: كانت متعة الحج لنا خاصة أصحاب رسول الله .

قال: أفيقول بهذا أحد؟ المتعة في كتاب الله، وقد أجمع الناس على أنها جائزة.

قال الجوزجاني: مرقع الأسدي: ليس بمشهور، ومثل هذه الأحاديث في ضعفها وجهالة رواتها، لا تقبل إذا انفردت فكيف تقبل في رد حكم ثابت بالتواتر، مع أن قول أبي ذر من رأيه، وقد خالفه من هو أعلم منه، وقد شذ به عن الصحابة ، فلا يلتفت

<<  <  ج: ص:  >  >>