للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فقال رسول الله : «من كان معه هدي فليتم في إحرامه، ومن لم يكن معه هدي فليحلل»، وكان مع الزبير هدي فأقام على إحرامه.

وقد صرح بأن العلة سوق الهدي: فروى أبو داود بإسناده عن حفصة زوج النبي ؛ أنها قالت: قلت لرسول الله : ما شأن الناس حلوا، ولم تحل أنت من عمرتك؟ قال: «إني لبدت رأسي وقلدت هديي، فلا أحل حتى أنحر».

وفي رواية ابن بطة: قالت حفصة: أمرنا رسول الله بعمرة، فقلت: يا رسول الله! ما يمنعك أن تحل؟ قال: «إني أهديت ولبدت».

فإن قيل: فالدلالة على أن الفسخ لم يكن لهذه العلة: ما رواه ابن بطة بإسناده عن بلال بن الحارث المزني، عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله! فسخ الحج لنا أو لمن بعدنا؟ فقال: «لا، لنا خاصة».

فلو كان المراد به فضيلة التمتع لم يختص به؛ لأن فضيلة ذلك عامة في كل الناس.

قيل له: معنى قوله: «لنا خاصة» من بين من ساق الهدي، دون من لم يسق؛ لأن من ساق لا يجوز له الفسخ.

وجواب آخر وهو: أن هذا الحديث ضعيف.

قال عبد الله: قيل لأبي: حديث بلال بن الحارث؟ قال: لا أقول به، ولا نعرف هذا الرجل، ولم يروه إلا الدراوردي، وحديث بلال عندي ليس يثبت؛ لأن الأحاديث التي تروى: «اجعلوا حجكم عمرة».

وقال في رواية الفضل وابن هانئ: من الحارث بن بلال؟ ومن روى عنه؟ أبوه من أصحاب النبي ، فأما هو لا. وقال في رواية الميموني: أرأيت لو عرف بلال بن الحارث؛ إلا أن أحد عشر رجلاً من أصحاب النبي يروون ما يرون من الفسخ، أين يقع بلال بن الحارث منهم؟

فقد قابل أحمد بين رواية بلال وبين رواية غيره، ورجح رواية غيره - وأنها على العموم من غير تخصيص - بكثرة العداد.

وقال في رواية: ليس يصح حديث في أن الفسخ كان لهم خاصة، وهذا أبو موسى الأشعري يفتي به في خلافة أبي بكر الصديق وشطر من خلافة عمر.

فقد بين أحمد في رواية الفضل وابن هانئ وجه ضعفه، وأنه من جهة الحارث بن بلال، وأنه مجهول لا يُعرف.

فإن قيل: فالذي يعضد هذه الرواية ما روى ابن بطة بإسناده عن أبي ذر، قال: لم يكن لأحد أن يفسخ حجة إلى عمرة، إلا الركب من أصحاب رسول الله خاصة.

قيل: قد قال أحمد في رواية الأثرم: رواه مرقع الأسدي، عن أبي ذر، شاعر من الكوفة، ولم يلق أبا ذر.

وعلى أن هذا تأويل من أبي ذر، فلا يلزم قبوله، ويعارضه ما رواه أبو حفص

<<  <  ج: ص:  >  >>