وقال النووي في شرح مسلم (٨/ ٢٠٣): «قوله: عن أبي ذر، قال: كانت المتعة في الحج لأصحاب محمد ﷺ خاصة. وفي الرواية الأخرى: كانت لنا رخصة، يعني: المتعة في الحج. وفي الرواية الأخرى: قال أبو ذر: لا تصلح المتعتان إلا لنا خاصة. يعني: متعة النساء ومتعة الحج. وفي الرواية الأخرى: إنما كانت لنا خاصة دونكم.
قال العلماء: معنى هذه الروايات كلها أن فسخ الحج إلى العمرة كان للصحابة في تلك السنة، وهي حجة الوداع، ولا يجوز بعد ذلك، وليس مراد أبي ذر إبطال التمتع مطلقاً، بل مراده فسخ الحج كما ذكرنا، وحكمته إبطال ما كانت عليه الجاهلية من منع العمرة في أشهر الحج.
قوله: لا تصلح المتعتان إلا لنا خاصة. معناه: إنما صلحتا لنا خاصة في الوقت الذي فعلناهما فيه ثم صارتا حراماً بعد ذلك إلى يوم القيامة، والله أعلم».
وقال ابن قدامة في المغني (٥/ ٨٨): «فإن قيل: فقد قال أبو ذر: كانت متعة الحج لأصحاب محمد ﷺ خاصة. رواه مسلم.
قلنا: هذا قول صحابي يخالف الكتاب والسنة والإجماع وقول من هو خير منه وأعلم؛ أما الكتاب: فقوله تعالى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الحج﴾ وهذا عام.
وأجمع المسلمون على إباحة التمتع في جميع الأعصار، وإنما اختلفوا في فضله.
وأما السنة: فروى سعيد: حدثنا هشيم: أنبأنا حجاج، عن عطاء، عن جابر: أن سراقة بن مالك سأل النبي ﷺ، المتعة لنا خاصة، أو هي للأبد؟ فقال: بل هي للأبد».
وفي لفظ قال: ألعامنا أو للأبد؟ قال: "بل لأبد الأبد، دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة".
وفي حديث جابر الذي رواه مسلم في صفة حج النبي ﷺ نحو هذا.
ومعناه - والله أعلم -: أن أهل الجاهلية كانوا لا يجيزون التمتع، ويرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، فبين النبي ﷺ أن الله تعالى قد شرع العمرة في أشهر الحج، وجوز المتعة إلى يوم القيامة.
وقال طاووس: كان أهل الجاهلية يرون العمرة في أشهر الحج أفجر الفجور، ويقولون: إذا انفسخ صفر، وبرا الدبر، وعفا الأثر، حلت العمرة لمن اعتمر، فلما كان الإسلام أمر الناس أن يعتمروا في أشهر الحج، فدخلت العمرة في أشهر الحج إلى يوم القيامة. رواه سعيد.
وقد خالف أبا ذر: علي، وسعد، وابن عباس، وابن عمر، وعمران بن حصين، وسائر الصحابة، وسائر المسلمين … ، وقال أحمد - حين ذكر له حديث أبي ذر: - أفيقول بهذا أحد المتعة في كتاب الله، وقد أجمع المسلمون على جوازها». [وانظر أيضاً: المغني (٥/ ٢٥٢)].
وقال ابن القيم في زاد المعاد (٢/ ٢٣٦ - ط عطاءات العلم): "وأما قول عثمان ﵁