للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عن أبي ذر؛ أنه قال: كان فسخ الحج من رسول الله لنا خاصة. ومن طريق: عبد الرحمن بن الأسود، عن سليمان أو سليم بن الأسود؛ أن أبا ذر، قال فيمن حج ثم فسخها عمرة: لم يكن ذلك إلا للركب الذين كانوا مع رسول الله . ومن طريق: موسى بن عبيدة، عن يعقوب بن زيد، عن أبي ذر، قال: لم يكن لأحد بعدنا أن يجعل حجته عمرة، إنما كانت لنا رخصة أصحاب محمد .

إن لم يكن قول أبي ذر: إن متعة الحج خاصة لهم حجة؛ فليس قوله: إن فسخ الحج خاصة لهم حجة؛ لا سيما وذلك الإسناد عنه صحيح؛ لأنه من رواية إبراهيم التيمي عن أبيه. وهذه الأسانيد عنه واهية؛ لأنها عن المرقع، وسليمان أو سليم، وهما مجهولان. وعن موسى بن عبيدة الربذي، وهو ضعيف. فكيف وقد خالفه ابن عباس، وأبو موسى؟ فلم يريا ذلك خاصة، ولا يجوز أن يقال في سنة ثابتة أنها خاصة لقوم دون قوم إلا بنص قرآن أو سنة صحيحة؛ لأن أوامر النبي على لزوم الإنس والجن، الطاعة لها والعمل بها.

فإن قيل: هذا لا يقال بالرأي؟ قلنا: فيجب على هذا متى وجد أحد من الصحابة يقول في آية أنها مخصوصة أو منسوخة أن يقال بقوله؛ وأقر بذلك قولهم في المتعة: إنها خاصة، وقد خالفوا ذلك.

وقال البيهقي في السنن (٥/ ٢٢): «وإنما أراد - والله أعلم - فسخهم الحج بالعمرة، وهو أن بعض أصحاب النبي أهل بالحج ولم يكن معهم هدي، فأمرهم رسول الله أن يجعلوه عمرة؛ لينقض - والله أعلم - بذلك عادتهم في تحريم العمرة في أشهر الحج، وهذا لا يجوز اليوم، وقد مضى في رواية ابن عباس، وفي رواية مرقع الأسدي عن أبي ذر ما دل على ذلك».

وقال البيهقي في الخلافيات (٣/ ١٥٣ - اختصار ابن فرح): «عندي أن المراد - والله أعلم - فسخه الحج على من لم يكن معه هدي بالعمرة، ثم حجهم بعد ذلك، والفسخ كان لهم خاصة دون غيرهم، ويحتمل أن يكون أراد تخصيصهم بجواز متعة الحج.

وكل من قال في هذه الأحاديث: تمتع رسول الله ؛ يحتمل أن يكون مراده بذلك إذنه فيه، وأمره من لم يكن معه هدي؛ بدليل ما مضى من الأحاديث في الإفراد، والله أعلم».

وقال ابن الجوزي في كشف المشكل (١/ ٣٦٥): «عن أبي ذر قال: كانت المتعة في الحج لأصحاب محمد خاصة. وفي رواية: لا تصلح المتعتان إلا لنا خاصة. يعني: متعة النساء ومتعة الحج.

هذا ظن من أبي ذر، وليس كذلك. فأما متعة النساء: فلولا أنها نسخت لبقي حكمها، وقد سبق ذكرها ونسخها. وأما متعة الحج: فحكمها باق، وقد بينا أنه الأفضل عند جماعة من الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار».

<<  <  ج: ص:  >  >>