وسبرة الجهني. قال أحمد: من أهل الحج مفرداً أو قرن الحج مع العمرة؛ فإن شاء أن يجعلها عمرة فعل، ويفسخ إحرامه في عمرة، إن شاء فعل، وإن شاء لم يفعل».
وقال ابن قدامة في المغني (٥/ ٢٥٤) نقلاً عن أحمد: «وحديث أبي ذر رواه مرقع الأسيدي، فمن مرقع الأسيدي! شاعر من أهل الكوفة، ولم يلق أبا ذر. فقيل له: أفليس قد روى الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر، قال: كانت متعة الحج لنا خاصة أصحاب رسول الله ﷺ؟ قال: أفيقول بهذا أحد؟ المتعة في كتاب الله، وقد أجمع الناس على أنها جائزة. قال الجوزجاني: مرقع الأسيدي: ليس بمشهور، ومثل هذه الأحاديث في ضعفها وجهالة رواتها: لا تقبل إذا انفردت، فكيف تقبل في رد حكم ثابت بالتواتر!».
وقال ابن القيم في زاد المعاد (٢/ ٢٣٤ - ط عطاءات العلم): «هذا مجموع ما استدلوا به على التخصيص بالصحابة.
قال المجوزون للفسخ والموجبون له: لا حجة لكم في شيء من ذلك، فإن هذه الآثار بين باطل لا يصح عمن نسب إليه البتة، وبين صحيح عن قائل غير معصوم لا تعارض به نصوص المعصوم.
أما الأول: فإن المرقع ليس ممن تقوم بروايته حجة، فضلاً عن أن يقدم على النصوص الصحيحة غير المرقعة. قال أحمد بن حنبل - وقد عورض بحديثه -: ومن المرقع الأسدي؟ وقد روى أبو ذر عن النبي ﷺ الأمر بفسخ الحج إلى العمرة. وغاية ما نقل عنه - إن صح - أن ذلك مختص بالصحابة فهو رأيه. وقد قال ابن عباس وأبو موسى الأشعري: إن ذلك عام للأمة. فرأي أبي ذر معارض برأيهما، وسلمت النصوص الصحيحة الصريحة ثم من المعلوم أن دعوى الاختصاص باطلة بنص النبي ﷺ أن تلك العمرة التي وقع السؤال عنها - وكانت عمرة فسخ - لأبد الأبد، لا تختص بقرن دون قرن، وهذا أصح سنداً من المروي عن أبي ذر، وأولى أن يؤخذ به منه لو صح عنه.
وأيضاً: فإذا رأينا أصحاب رسول الله ﷺ قد اختلفوا في أمر صح عن النبي ﷺ أنه فعله أو أمر به، فقال بعضهم: هو منسوخ أو خاص، وقال بعضهم: هو باق إلى الأبد، فقول من ادعى نسخه أو اختصاصه مخالف للأصل، فلا يقبل إلا ببرهان، وأقل ما في الباب معارضته بقول من ادعى بقاءه وعمومه، والحجة تفصل بين المتنازعين، والواجب الرد عند التنازع إلى الله ورسوله. فإذا قال أبو ذر وعثمان: إن الفسخ منسوخ أو خاص، وقال أبو موسى وعبد الله بن عباس: إنه باق وحكمه عام، فعلى من ادعى النسخ والاختصاص الدليل».
وقال العيني في نخب الأفكار (٩/ ٤٤٠): «قلت: لا نسلم أن المرقع مجهول؛ وقد روى عنه مثل: يحيى بن سعيد الأنصاري، ويونس بن أبي إسحاق، وموسى بن عقبة، وعبد الله بن ذكوان، وذكره ابن حبان في الثقات من التابعين، واحتج به: أبو داود