للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال الدارقطني في العلل (٦/ ٢٦٨/ ١١٢٧): «واختلف عن عبد الرحمن بن الأسود؛ فرواه مالك بن مغول، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر.

وخالفه: محمد بن إسحاق، فرواه عن عبد الرحمن بن الأسود، عن عبد الرحمن بن سليم المحاربي - وهو: عبد الرحمن بن أبي الشعثاء -، عن يزيد بن شريك، عن أبي ذر».

فاقتصر على رواية عبد الأعلى عن ابن إسحاق، ولم يذكر رواية ابن أبي زائدة؛ مع كونها عند أبي داود، ولا رواية سلمة بن الفضل، مع كونها في مسند البزار، ولم يقض فيه بشيء.

وقال النووي في المجموع (٧/ ١٥٩): «رواه أبو داود، ولكنه ضعيف، لأن محمد بن إسحاق صاحب المغازي هذا مدلس، وقد قال: «عن»، وقد اتفق العلماء على أن المدلس إذا قال: «عن» لا يحتج بروايته».

قلت: قد صرح ابن إسحاق بالسماع في رواية عبد الأعلى، وهو: ثقة، فانتفت شبهة تدليسه، وأما ما يتعلق بكون النقاد اتفقوا على رد حديث المدلس إذا عنعن، فليس بصحيح، وهي دعوى قد أقمت الدليل والبرهان على بطلانها، راجع في ذلك: فضل الرحيم الودود (٦٨/ ٨١٤ - ٩/ ٦١)، ومما قلت هناك:

قال أبو داود: «سمعت أحمد سئل عن الرجل يعرف بالتدليس: يحتج فيما لم يقل فيه: سمعت؟ قال: لا أدري، فقلت: الأعمش متى تصاد له الألفاظ؟ قال: يضيق هذا، أي أنك تحتج به» [سؤالات أبي داود (١٣٨)].

ومفهوم كلام الإمام أحمد أن حديث المدلس لا يرد بمجرد العنعنة، وإلا لكان الجواب: لا، أي: لا يحتج به حتى يصرح بالسماع، ثم أشار إلى أن الأصل في حديث الأعمش الاحتجاج به؛ إلا أن تأتي قرينة دالة على تدليسه، وبهذا تأتلف الأقوال في هذا الباب، والله أعلم.

وقال يعقوب بن شيبة: «سألت يحيى بن معين عن التدليس؟ فكرهه وعابه، قلت له: أفيكون المدلس حجة فيما روى، أو حتى يقول: حدثنا وأخبرنا؟ قال: لا يكون حجة فيما دلس» [الكامل لابن عدي (١/ ٣٤). الكفاية (٣٦٢). النكت على مقدمة ابن الصلاح للزركشي (٢/ ٨٨). النكت لابن حجر (٢/ ٦٣٣)].

وهذا ظاهر في أن الأصل في حديث المدلس الاحتجاج به، حتى يتبين لنا أنه دلسه، فعندئذ يسقط الاحتجاج بهذا الحديث المعين؛ فلو كان حديث المدلس المعنعن يُرَدُّ بمجرد العنعنة دون الحاجة إلى قرينة أخرى؛ لقال ابن معين: لا يكون حجة حتى يقول: حدثنا وأخبرنا، كذلك فإن ابن معين لم يقل: لا يكون حجة فيما عنعن، وإنما قال: فيما دلس، يعني: فيما ثبت وقوع التدليس فيه.

وقال يعقوب بن سفيان في المعرفة (٣/ ١٤): «وحديث سفيان وأبي إسحاق والأعمش ما لم يُعلم أنه مدلس: يقوم مقام الحجة».

<<  <  ج: ص:  >  >>