للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والإفراد. والتمتع: هو أن يأتي الإنسان بالعمرة في أشهر الحج ثم يحج عامه. والقرآن: أن يقرن بينهما في إحرامه. والإفراد: أن يحج، … وإنما الخلاف في الأفضل: فعندنا أن التمتع أفضل، وهو قول علي وسعد وعمران بن حصين وابن عباس والحسن وعطاء ومجاهد في خلق كثير، وهو قول الشافعي القديم، إلا أنهم لا ينصرونه. وعند أبي حنيفة: أن القرآن أفضل. وعند مالك والشافعي: الإفراد.

ومنبع الخلاف في ثلاثة أشياء:

أحدها: اختلاف الرواية عن رسول الله في حجه: هل تمتع أو قرن أو أفرد، فإنه يتحرى الأفضل في الحجة الواجبة عليه.

والثاني: أن القرآن عند أبي حنيفة الأصل، وعند الشافعي أن الأصل الإفراد، والقرآن والتمتع رخصة.

والثالث: البحث عن دم التمتع: فعندنا أنه نسك لا دم جبران، وقد وافق أبو حنيفة على أن دم القرآن دم نسك، إلا أنه يقول: القران يوجب زيادة في الأفعال والتعبدات؛ لأن من مذهبه أن القارن لا يجزئه طواف واحد ولا سعي واحد. وعند الشافعي أن الدم في التمتع والقرآن دم جبران، والعبادة المجبورة أنقص من التي لا تفتقر إلى «جبر»، ثم أطال في البحث، والرد على المخالف.

وقال أبو العباس القرطبي في المفهم (٣٤٩/ ٣): «ومن باب: الاختلاف في أي أنواع الإحرام أفضل: قد تقدم أن أنواع الإحرام ثلاثة: إفراد، وقران، وتمتع، وأنها مجمع عليها. وإنما الخلاف في الأفضل منها. واختلف المتأولون في هذه المتعة التي اختلف فيها عثمان وعلي : هل هي فسخ الحج في العمرة، وهي التي يجمع فيها بين حج وعمرة في عمل واحد، وسفر واحد؟ فمن قال بالأول صرف خلافهما إلى: أن عثمان كان يراها خاصة بمن كان مع النبي في حجة الوداع. وكان علي لا يرى خصوصيتهم في ذلك. ويستدل على هذا بقول عثمان: أجل؛ ولكنا كنا خائفين، أي: من فسخ الحج في العمرة، فإنه على خلاف الإتمام الذي أمر الله به، وفيه بعد. والأظهر: القول الثاني، وعليه: فخلافهما إنما كان في الأفضل، فعثمان كان يعتقد: أن إفراد الحج أفضل، وعلي كان يعتقد: أن التمتع أفضل. إذ الأمة مجمعة: على أن كل واحد منهما جائز، وعليه فقوله: ولكنا كنا خائفين، أي: من أن يكون أجر من أفرد أعظم من أجر من تمتع منهم. فالخوف من التمتع. ولما ظن علي أن ذلك يتلقى من عثمان، ويقتدى به، فيؤدي ذلك إلى ترك التمتع والقران؛ أهل بالقران ليبين: أن كل واحد منهما مسوغ، أو لأنهما عنده أفضل من الإفراد، من حيث إن كل واحدة منهما في عملين، والمفرد في عمل واحد، والله تعالى أعلم. وهذا الذي ظهر لعثمان هو الذي كان ظهر لعمر من قبله، كما قال عمران بن حصين ، فإنه ظهر من استدلال عمر بأن رسول الله جمع بين حج وعمرة؛ أن الذي منعه عمر هو ما عدا الإفراد. وهذا منه محمول على أنه كان يعتقد:

<<  <  ج: ص:  >  >>