للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

به من علي وغير علي؛ وإذ صار علي هاهنا يجب تقليده واطراح السنن الثابتة وأقوال سائر الصحابة لقول لم يصح عنه، فهلا وجب تقليده في الثابت عنه من بيع أمهات الأولاد، ومن قوله: في أن في خمس وعشرين من الإبل خمس شياه؛ وسائر ما خالفوه فيه لما هو أقل مما تركوا هاهنا؟ ولكن الهوى إله معبود.

وعهدنا بهم يقولون فيما روي عن أم المؤمنين إذ قالت لأم ولد زيد بن أرقم في بيعها غلاما من زيد بثمانمائة درهم إلى العطاء، ثم ابتاعته منه بستمائة درهم نقدا: أبلغ زيدا أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله إن لم يتب مثل هذا لا يقال بالرأي، فهلا قالوا هاهنا في قول عائشة، وجابر، وابن عمر، وابن عباس: إن القارن يجزئه طواف واحد مثل هذا لا يقال بالرأي، ولكن حسبهم ونصر المسألة الحاضرة بما أمكن، وبالله تعالى التوفيق».

وقال ابن عبد البر في التمهيد (٨/ ٢١٤) بعد أن ذكر رواية شعبة عن الحكم عن علي بن حسين عن مروان بن الحكم، قال: شهدت عثمان وعليا: «وهذا يحتمل أن يكون لأن رسول الله أباح ذلك، فصار سنة.

التمتع والقران والإفراد كل ذلك جائز بسنة رسول الله ، وقد مضى القول في معنى نهي عمر عن التمتع بما فيه بيان لمن فهم.

ولم يكن تمتع ولا قران في شيء من حج الجاهلية، وإنما كانوا على الإفراد، وكانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، لا خلاف بين أهل العلم والسير في ذلك، والإفراد أفضل إن شاء الله؛ لأن رسول الله كان مفردا، فلذلك قلت إنه أفضل، لأن آثاره أصح عنه في إفراده ، ولأن الإفراد أكثر عملا ثم العمرة عمل آخر، وذلك كله طاعة والأكثر منها أفضل».

قلت: كلام ابن عبد البر إلى قوله: لا خلاف بين أهل العلم والسير في ذلك»، لا إشكال فيه، لكن تفضيله الإفراد تبعا للمذهب، فليس هو الصواب، بل الصواب أن التمتع أفضل، وقد تقدم ذكر دلائل ذلك، وسيأتي ذكرها أيضا في الباب الآتي، كما قد سبق أن قررت أن النبي كان قارنا، وبينت الأدلة على صحة ذلك مرارا.

وقال أيضا في التمهيد (١٥/ ٢٢٨): فإن ذكروا أن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود كانا يقولان: القارن يطوف طوافين ويسعى سعيين. قيل لهم: قد خالفهما: ابن عمر، وجابر، وابن عباس، وعائشة، فوجب النظر.

فإن ذكروا ما رواه الحكم عن ابن أبي ليلى عن علي، قال: أهل رسول الله بعمرة وحجة، فطاف بالبيت لعمرته، ثم عاد فطاف بحجته. قيل لهم: هذا حديث منكر، إنما رواه الحسن بن عمارة عن الحكم فرفعه، والحسن بن عمارة: متروك الحديث، لا يحتج بمثله.

ومن جهة النظر: قد أجمعوا أن المحرم إذا قتل الصيد في الحرم لم يجب عليه إلا جزاء واحد، وهو قد اجتمع عليه حرمتان حرمة الإحرام وحرمة الحرم، فكذلك الطواف

<<  <  ج: ص:  >  >>