للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أحبُّ إليك، الإفراد أم القِران؟ قال: روي عن النبي أنه أفرد، وروي عنه أنه قرن، وروي عنه أنه خرج من المدينة ينتظر القضاء، ولم يذكر لا حجّاً ولا عمرة، فلما قدم مكة أمر أصحابه أن يحلّوا، وقال: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي ولحللت كما تحلون»، وهذا بعد أن قدم مكة، وهو آخر الأمرين منه، وقال هذا القول وهو بمكة: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدى، فالذي يختار المتعة؛ لأنه آخر ما أمر به النبي ، وهو يجمع الحج والعمرة جميعاً، ويعمل لكل واحد منهما على حدة».

وقال الحاكم في معرفة علوم الحديث (١٢٢): «ذكر النوع التاسع والعشرين من علوم الحديث: هذا النوع من هذه العلوم معرفة سنن الرسول ، يعارضها مثلها، فيحتج أصحاب المذاهب بأحدهما، وهما في الصحة والسقم سيان».

ثم ساق حديث عائشة وابن عمر في الإفراد، ثم حديث أبي موسى وعلي وسعد وابن عمر في التمتع، ثم ساق حديث عمران هذا وأنس في القران، ثم قال (١٢٤): «وهذه الأحاديث تصرح بأن رسول الله كان قارناً، والحجة واحدة، والمعارضات صحيحة، وقد شفى الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق في الكلام على هذه الأخبار، واختار التمتع، وكذلك أحمد وإسحاق، واختار الشافعي الإفراد، واختار أبو حنيفة القران».

وللقدوري في التجريد (٤٧٤/ ٤/ ١٨٩٥ مسألة)، كلام عن أحاديث الباب، يطوى ولا يروى، يرد فيه على المحدثين بما لا يسوي جناح بعوضة.

وقال ابن بطال في شرح البخاري (٤/ ٢٥٤): «قال المهلب: وقول عمران: تمتعنا على عهد النبي ونزل القرآن؛ فإنه يريد أن التمتع والقران معمول به على عهد الرسول ، لم ينسخه شيء، ونزل القرآن بإباحة العمرة في أشهر الحج، في قوله تعالى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْي﴾ [البقرة: ١٩٦]، وقوله: قال رجل برأيه ما شاء؛ يعني: من تركه والأخذ به، وأن الرأي بعد النبي باختيار الإفراد لا ينسخ ما سَنَّهُ من التمتع».

وقال البيهقي في السنن الكبرى (٥/ ١٤) بعد أن جمع ألفاظ حديث عمران: «وقصده من جميع ذلك: بيان جواز العمرة في أشهر الحج، وقوله: جمع بين حج وعمرة؛ إن كان الراوي حفظه يحتمل أن يكون المراد به: إذنه فيه، وأمره بعض أصحابه بذلك، والله أعلم».

قلت: قد حفظه راويه، ويحمل على أن النبي كان قارناً، وقد أخبر عمران في حديثه هذا عن قران النبي ، وأن عامة الصحابة وأزواج النبي كانوا متمتعين، والله أعلم.

وقال في المعرفة (٧/ ٧٦): «ومقصوده [يعني: عمران] ومقصود غيره من رواية التمتع والقرآن: بيان جوازهما، فإن بعض الصحابة كان يكرههما، فيروون فيه الأخبار التي تدل على جوازهما، وربما يضيف بعضهم الفعل إلى النبي ، وإنما أراد - والله أعلم - إذنه فيهما».

<<  <  ج: ص:  >  >>