يحيى [كثير بن يحيى بن كثير صاحب البصري: صدوق، تُكلِّم فيه. اللسان (٦/ ٤١٥)]: ثنا عبد الواحد بن زياد [بصري، ثقة]: ثنا عاصم الأحول [عاصم بن سليمان الأحول: ثقة، مكثر عن ابن سيرين]، عن محمد بن سيرين، عن عمران بن حصين؛ أنه جمع بين الحج والعمرة، وقال: فعلنا مع رسول الله ﷺ.
أخرجه الطبراني في الكبير (١٨٥/ ١٨/ ٤٣٦)، قال: حدثنا أبو عبيدة عبد الوارث بن إبراهيم العسكري به.
قلت: أما ابن سيرين فقد سمع من عمران بن حصين، وروايته عنه في صحيح مسلم [التحفة (١٠٨٣٩ - ١٠٨٤١)] [وانظر: تحفة التحصيل (٢٧٨). فضل الرحيم الودود (٥/ ٣٢٧/ ٤٤٣)]؛ لكنه غريب من حديث ابن سيرين.
أقوال الفقهاء:
قال الطحاوي في أحكام القرآن (٢/ ٧٢): «فهذا الحديث عندنا خلاف الأحاديث التي رويناها قبله في هذا الباب، لأن الذي في حديث مطرف عن عمران: تمتعنا مع رسول الله ﷺ، ونزل فيها القرآن. فقد يجوز أن يكون قوله: تمتعنا مع رسول الله ﷺ. يريد: تمتعنا ونحن في صحبته وهو حي، وليس على أنه كان معهم، ولا على أنه تمتع مثل متعتهم تلك، فيكون ذلك الحديث كحديث علي وسعد اللذين ذكرناهما في هذا الباب، وقد دل على هذا التأويل ما روى الحسن عن عمران: تمتعنا على عهد رسول الله ﷺ. فلم يحقق بذلك أن ذلك التمتع كان في حجة الوداع أو فيما قبلها». [وانظر أيضاً كلامه في شرح معاني الآثار (٢/ ١٥٠ و ١٥٢)]، وقد سبق أن بينت معنى حديث عمران هذا، فراجعه.
وقال أبو بكر الجصاص في أحكام القرآن (١/ ٣٥٦): «وقد روي عن النبي ﷺ أخبار متواترة أنه قرن بين الحج والعمرة … ، فدل ذلك على أن هديه كان هدي قرآن، ولذلك منعه الإحلال؛ لأنه لا يجوز ذبحه قبل يوم النحر، فهذه الأخبار توجب كون النبي ﷺ قارناً، ورواية من روى أنه كان مفرداً غير معارض لها من وجوه:
أحدها: أنها ليست في وزن الأخبار التي فيها ذكر القرآن في الاستفاضة والشيوع.
والثاني: أن الراوي للإفراد أكثر ما أخبر أنه سمع النبي ﷺ يقول: لبيك بحجة؛ وذلك لا ينفي كونه قارناً لأنه جائز للقارن أن يذكر الحج وحدة تارة، وتارة العمرة وحدها، وأخرى ويذكرهما.
والثالث: أنهما لو تساويا في النقل والاحتمال لكان خبر الزائد أولى»، ثم ذهب يدلل على تفضيل القرآن بفعله ﷺ، وهو خلاف الصواب؛ إذ التمتع أكثر أجراً وعملاً، ويكفي في تفضيله على الإفراد والقران قوله ﷺ:«لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة»، هكذا تأسف النبي ﷺ لكونه ساق الهدي؛ فدل ذلك على تفضيل التمتع، قال صالح بن أحمد في مسائله لأبيه (٥٦٥): «قلت: الحج، أي ذلك