الدراوردي [عند الطحاوي](٣٧٢٤)، وابن عبد البر، ووقعت روايته عند الدارقطني مختصرة، فأوقع ذلك فيها وهماً، كما وقعت رواية داود العطار [عند ابن خزيمة] مختصرة جداً، ومن اختصر هذا الحديث مقتصراً على بعض فعل أو قول ابن عمر ثم أتبعه بقوله: كذلك صنع النبي ﷺ، سوف يشكل فهمه على المتلقي، حيث يشعره بأن هذا الموقوف له حكم الرفع، وقد سبق بيان ذلك وإيضاحه، عند الكلام عن رواية الدراوردي عن عبيد الله بن عمر، فليراجع.
قلت: وقوله هنا: طوافه الحج والعمرة، يعني به: السعي بين الصفا والمروة، إذ لم يسع بعد أن رجع من منى يوم النحر، وإنما اكتفى فقط بالطواف حول البيت، طواف الإفاضة.
أخرجه البخاري (١٧٠٨)، وابن خزيمة (٤/ ٢٢٥/ ٢٧٤٦)، والطحاوي في شرح المعاني (٢/ ١٥١/ ٣٧٠٤) و (٢/ ١٩٧/ ٣٩١٣)، والدارقطني (٣/ ٢٩٣/ ٢٥٩١)، وابن عبد البر في التمهيد (١٥/ ٢٠٣). [التحفة (٥/ ٦٢٢/ ٨٤٨٣)، الإتحاف (٩/ ٣٤٩/ ١١٣٨٣)، المسند المصنف (١٥/ ٧٧/ ٧١٥٥)].
قال ابن حجر في الفتح (٣/ ٥٥٠): «لكن قوله في هذه الرواية: عام حجة الحرورية، وفي رواية الكشميهني: حجّ الحرورية في عهد ابن الزبير، مغاير لقوله في باب طواف القارن، من رواية الليث عن نافع: عام نزول الحجاج بابن الزبير؛ لأن حجة الحرورية كانت في السنة التي مات فيها يزيد بن معاوية سنة أربع وستين، وذلك قبل أن يتسمى ابن الزبير بالخلافة، ونزول الحجاج بابن الزبير كان في سنة ثلاث وسبعين، وذلك في آخر أيام ابن الزبير؛ فإما أن يحمل على أن الراوي أطلق على الحجاج وأتباعه حرورية؛ لجامع ما بينهم من الخروج على أئمة الحق، وإما أن يحمل على تعدد القصة»، قلت: تعدد القصة هنا مستبعد، لاسيما وقد وقع من ابن عمر تردد فيما أهل به، حيث أهل بالعمرة ابتداء، ثم قال: ما شأنهما إلا واحد، فإن حيل بيني وبين العمرة حيل بيني وبين الحج، فلو تعددت القصة وكان وقع له التردد أول مرة، لكان تذكر ذلك في المرة الثانية مع قرب العهد، فأهل بهما جميعاً ابتداء.
وقد احتج البخاري بهذا الحديث على شراء الهدي من الطريق وتقليده، يعني: للقارن، إذا لم يتسن له سوقه من الميقات، فقال:«باب من اشترى هديه من الطريق وقلدها».
• وقد رواه هشام بن سليمان المخزومي، وعبد المجيد بن أبي رواد، عن ابن جريج، قال: حدثني موسى بن عقبة، وعبيد الله بن عمر، عن نافع؛ أن ابن عمر أراد الحج زمان نزل الحجاج بن يوسف بابن الزبير، فقيل له: إن الناس كائن بينهم قتال، وإنا نخاف أن يصدُّوك، فقال: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾، إذا نصنع كما صنع النبي ﷺ، أشهدكم أني قد أوجبت عمرة، ثم خرج حتى إذا كان بظاهر البيداء، فقال: