للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• وقد ثبت النهي عن التزعفر للرجال من حديث أنس:

فقد روى عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك، قال: نهى النبي أن يتزعفر الرجل. وفي رواية: نهى رسول الله عن التزعفر للرجال. [أخرجه البخاري (٥٨٤٦). ومسلم (٢١٠١). وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (١٧٧٢)].

فيجب علينا إبقاء الموقوف موقوفاً كما جاء، والمرفوع مرفوعاً كما جاء في الرواية، فإن في فعل الصحابي ما يكون زائداً على المرفوع.

• والدليل على صحة ما قلت في هذا الحديث بعينه، بعد أن قال ابن عمر في آخره: هكذا صنع رسول الله .

فقد ثبت في الأحاديث الصحيحة: أن النبي قد أهل بالحج والعمرة، وقرنهما بالميقات، بخلاف فعل ابن عمر حيث أهل بالعمرة من الميقات، ثم أهل بالحج بعدما سار قليلاً، وأن النبي قد ساق هديه من الميقات بذي الحليفة، وقلده وأشعره بها، بينما اشتراه ابن عمر من الطريق من قديد، وقد ذكر نافع في هذه الواقعة أن ابن عمر طاف بالبيت طوافاً واحداً، وسعى سعياً واحداً، والأصل حمل ذلك على رواية سالم عن ابن عمر في صفة حجة النبي ، وهو أنه طاف بالبيت حين قدم مكة، وهو طواف القدوم، ثم سعى بعده سعي الحج، ثم طاف بالبيت مرة أخرى يوم النحر بعدما رجع من منى، ولم يسع بعده، فينبغي حمل المتشابه على المحكم، وحديث نافع عن ابن عمر: من المتشابه، فيجب رده إلى حديث سالم عن ابن عمر، وهو المحكم، والله أعلم.

يبقى أن يقال: نعم؛ إن الدراوردي هو الذي وهم في ذلك، كما قال الترمذي والطحاوي وغيرهما، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي وإن كان صدوقاً؛ إلا أنه كان يهم إذا حدث من حفظه، وكان يحدث من كتب الناس فيخطئ، ورواية الدراوردي عن عبيد الله بن عمر متكلم فيها، فقد قال النسائي: «الدراوردي: ليس به بأس، حديثه عن عبيد الله بن عمر: منكر»، وقال أحمد: «أحاديثه عن عبيد الله بن عمر تشبه أحاديث عبد الله بن عمر»، وقال أبو داود: «روى عبد العزيز عن عبيد الله أحاديث مناكير» [شرح علل الترمذي (٢/ ٨١٠). التهذيب (٢/ ٥٩٣)، وفيه قول أحمد: «وربما قلب حديث عبد الله بن عمر، يرويها عن عبيد الله بن عمر»].

قلت: إذا ثبت لدينا أن الحديث محفوظ عن عبيد الله بن عمر من وجه آخر، فإن ذلك يعني أن الدراوردي لم يقلب هذا الحديث بعينه على عبيد الله بن عمر، وإنما وهم في رفعه فقط، والناس يروونه عن عبيد الله موقوفاً، وهو الصواب.

ففي رواية ابن نمير عن عبيد الله بن عمر، عن نافع قال: وليس معه يومئذ هدي، فسار حتى بلغ قديداً ابتاع بها هدياً، فقلّده وأشعره وساقه معه، حتى إذا دخل مكة طاف لهما طوافاً واحداً بالبيت وبالصفا والمروة، وكان يقول: من جمع بين الحج والعمرة كفاه طواف واحد، ولم يحل حتى يحلّ منهما جميعاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>