من الاحتمالات الواردة على ذلك، ولهذا ينبغي التقيد برواية الحديث كما ورد، فيبقى سياقه الأول موقوفا، ثم يأتي بيان الرفع في آخره، وأسوق على ذلك مثالا وقع معنا قريبا في كتاب الحج مع ابن عمر بنحو هذا:
• فقد روى مالك، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن عبيد بن جريج؛ أنه قال لعبد الله بن عمر: يا أبا عبد الرحمن، رأيتك تصنع أربعا لم أر أحدا من أصحابك يصنعها، قال: ما هن يا ابن جريج؟ قال: رأيتك لا تمس من الأركان إلا اليمانيين، ورأيتك تلبس النعال السبتية، ورأيتك تصبغ بالصفرة، ورأيتك إذا كنت بمكة أهل الناس إذا رأوا الهلال، ولم تهل أنت حتى كان يوم التروية، فقال عبد الله بن عمر:
أما الأركان: فإني لم أر رسول الله ﷺ يمس إلا اليمانيين.
وأما النعال السبتية: فإني رأيت رسول الله ﷺ يلبس النعال التي ليس فيها شعر، ويتوضأ فيها، فأنا أحب أن ألبسها.
وأما الصفرة: فإني رأيت رسول الله ﷺ يصبغ بها، فأنا أحب أن أصبغ بها.
وأما الإهلال: فإني لم أر رسول الله ﷺ يهل حتى تنبعث به راحلته.
وهو حديث متفق على صحته [أخرجه مالك في الموطأ (١/ ٤٤٨/ ٩٣٥ - رواية يحيى الليثي). ومن طريقه: البخاري (١٦٦ و ٥٨٥١)، ومسلم (٢٥/ ١١٨٧)، وأبو داود (١٧٧٢)، وتقدم تخريجه في موضعه].
وموضع الشاهد منه: أن عبيد بن جريج سأل ابن عمر عن أربع مسائل، منها قوله: رأيتك إذا كنت بمكة أهل الناس إذا رأوا الهلال، ولم تهل أنت حتى كان يوم التروية؟ فكان ينبغي لابن عمر أن يجيب بأن النبي ﷺ أمر من كان تمتع، وأحل بعمرة ممن لم يسق الهدي؛ أمرهم بأن يهلوا يوم التروية قبل أن ينطلقوا إلى منى كما ثبت ذلك من حديث جابر وغيره:
• فقد روى ابن جريج: أخبرني أبو الزبير؛ أنه سمع جابر بن عبد الله، يقول؛ وهو يخبر عن حجة النبي ﷺ، قال: فأمرنا بعد ما طفنا أن نحل، قال النبي ﷺ: «فإذا أردتم أن تنطلقوا إلى منى فأهلوا»، فأهللنا من البطحاء. وفي رواية: يذكر حجة النبي ﷺ، قال: فأمرنا بعد ما تمتعنا أن نحل، قال النبي ﷺ: «فإذا أردتم أن تنطلقوا إلى منى فأهلوا»، قال: فأهللنا من البطحاء.
وفي رواية: قال: أمرنا النبي ﷺ لما أحللنا، أن نحرم إذا توجهنا إلى منى، قال: فأهللنا من الأبطح. [أخرجه مسلم (١٣٩/ ١٢١٤)، وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم. (١٧٨٦)].
• وروى أبو شهاب موسى بن نافع، عن عطاء بن أبي رباح: حدثني جابر بن عبد الله؛ أنه حج مع رسول الله ﷺ عام ساق الهدي معه، وقد أهلوا بالحج مفردا، فقال رسول الله ﷺ: «أحلوا من إحرامكم، فطوفوا بالبيت وبين الصفا والمروة، وقصروا، وأقيموا