للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

منهما طوافاً يشبه الطواف الذي للآخر، والحديثان ظاهران في أن القارن لا يجب عليه إلا طواف واحد كالمفرد.

وقد رواه سعيد بن منصور من وجه آخر، عن نافع عن ابن عمر، أصرح من سياق حديثي الباب في الرفع، ولفظه: عن النبي قال: «من جمع بين الحج والعمرة كفاه لهما طواف واحد وسعي واحد، وأعله الطحاوي بأن الدراوردي أخطأ فيه، وأن الصواب أنه موقوف، وتمسك في تخطئته بما رواه أيوب والليث وموسى بن عقبة وغير واحد عن نافع، نحو سياق ما في الباب من أن ذلك وقع لابن عمر، وأنه قال: إن النبي فعل ذلك، لا أنه روى هذا اللفظ عن النبي اهـ وهو تعليل مردود، فالدراوردي: صدوق، وليس ما رواه مخالفاً لما رواه غيره، فلا مانع من أن يكون الحديث عند نافع على الوجهين».

وقال في موافقة الخبر الخبر (٢/ ١٤٢): «حديث حسن … لكن رواه أبو مروان العثماني عن الدراوردي، فقال: عن موسى بن عقبة بدل: عبيد الله بن عمر، وهذه ليست بعلة قادحة، فقد يكون للدراوردي فيه شيخان، وإلا فرواية الواحد لا تقدح في رواية الجماعة إذا كانوا في الحفظ سواء، وهو هنا كذلك».

قلت: هذا حديث منكر بهذا السياق؛ فقد رواه يحيى بن سعيد القطان، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وعبد الله بن نمير، وعبد الرزاق بن همام الصنعاني، وسفيان بن عيينة، وغيرهم:

عن عبيد الله بن عمر العمري: حدثني نافع؛ أن عبد الله بن عبد الله وسالم بن عبد الله كلما عبد الله حين نزل الحجاج لقتال ابن الزبير، قالا: لا يضرك أن لا تحج العام، فإنا نخشى أن يكون بين الناس قتال، يُحال بينك وبين البيت، قال: فإن حيل بيني وبينه فعلت كما فعل رسول الله وأنا معه، حين حالت كفار قريش بينه وبين البيت، أشهدكم أني قد أوجبت عمرة، … فذكروا الحديث والسياق من فعل ابن عمر، وقوله، في بيان صفة حجه حين قرن بين العمرة والحج وفي آخره قال: هكذا صنع رسول الله .

وكذلك رواه الليث بن سعد، وموسى بن عقبة، وأيوب بن موسى، وإسماعيل بن أمية، وابن أبي رواد رووه عن نافع عن ابن عمر فعله، ثم قالوا في آخره: قال: هكذا صنع رسول الله .

وشتان بينهما: أن تجعل السياق كله موقوفاً، ثم يقول الصحابي في آخره: هكذا صنع رسول الله .

والفرق بينهما: أن الرفع الصريح جزم بنسبة هذا المرفوع إلى النبي ؛ بخلاف ما لو كان السياق من فعل الصحابي وقوله، ثم ذيله بقوله: هكذا صنع رسول الله . فإن هذا يدخله الاحتمال، فقد يرجع الرفع على بعض الأوصاف والأفعال والأقوال دون البعض الآخر، والذي يكون قد وقع من الصحابي اجتهاداً منه، ولم يكن رآه من النبي ، أو سمعه منه، أو يكون مراد الصحابي شيئاً بعينه وقع عليه الرفع دون غيره، أو نحو ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>