للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وانظر أيضا: نصب الراية (٣/ ١١٤).

وقال ابن كثير في البداية (٧/ ١٢٠): «والمقصود: أن هذا إنما يتوجه أن يكون في عمرة الجعرانة، وذلك أن عمرة الحديبية لم يدخل إلى مكة فيها، بل صد عنها كما تقدم بيانه، وأما عمرة القضاء فلم يكن أبو سفيان أسلم، ولم يبق بمكة من أهلها أحد حين دخل رسول الله ، بل خرجوا منها، وتغيبوا عنها مدة مقامه بها تلك الثلاثة الأيام، وعمرته التي كانت مع حجته لم يتحلل منها بالاتفاق، فتعين أن هذا التقصير الذي تعاطاه معاوية بن أبي سفيان من رأس رسول الله عند المروة إنما كان في عمرة الجعرانة كما قلنا، والله تعالى أعلم».

وقال ابن حجر في فتح الباري (٣/ ٥٦٥): قوله: قصرت؛ أي: أخذت من شعر رأسه، وهو يشعر بأن ذلك كان في نسك، إما في حج أو عمرة، وقد ثبت أنه حلق في حجته، فتعين أن يكون في عمرة، ولا سيما وقد روى مسلم في هذا الحديث أن ذلك كان بالمروة، ولفظه: قصرت عن رسول الله بمشقص وهو على المروة، أو: رأيته يقصر عنه بمشقص وهو على المروة، وهذا يحتمل أن يكون في عمرة القضية أو الجعرانة، لكن وقع عند مسلم من طريق أخرى عن طاووس بلفظ: أما علمت أني قصرت عن رسول الله بمشقص وهو على المروة؟ فقلت له: لا أعلم هذه إلا حجة عليك، وبين المراد من ذلك في رواية النسائي، فقال بدل قوله: فقلت له: لا؛ الخ، يقول ابن عباس: وهذه على معاوية أن ينهى الناس عن المتعة، وقد تمتع رسول الله ، ولأحمد من وجه آخر عن طاووس عن ابن عباس قال: تمتع رسول الله حتى مات، … الحديث، وقال: وأول من نهى عنها معاوية، قال ابن عباس: فعجبت منه، وقد حدثني أنه قصر عن رسول الله بمشقص. انتهى. وهذا يدل على أن ابن عباس حمل ذلك على وقوعه في حجة الوداع؛ لقوله لمعاوية: إن هذه حجة عليك، إذ لو كان في العمرة لما كان فيه على معاوية حجة، وأصرح منه ما وقع عند أحمد، من طريق قيس بن سعد عن عطاء؛ أن معاوية حدث؛ أنه أخذ من أطراف شعر رسول الله في أيام العشر بمشقص معي وهو محرم [وقد قال في موضع آخر بأنها رواية شاذة]، وفي كونه في حجة الوداع نظر؛ لأن النبي لم يحل حتى بلغ الهدي محله، فكيف يقصر عنه على المروة.

وقد بالغ النووي هنا في الرد على من زعم أن ذلك كان في حجة الوداع، فقال: هذا الحديث محمول على أن معاوية قصر عن النبي الله في عمرة الجعرانة؛ لأن النبي في حجة الوداع كان قارنا، وثبت أنه حلق بمنى، وفرق أبو طلحة شعره بين الناس، فلا يصح حمل تقصير معاوية على حجة الوداع، ولا يصح حمله أيضا على عمرة القضاء الواقعة سنة سبع؛ لأن معاوية لم يكن يومئذ مسلما؛ إنما أسلم يوم الفتح سنة ثمان، هذا هو الصحيح المشهور، ولا يصح قول من حمله على حجة الوداع، وزعم أن النبي كان متمتعا؛ لأن هذا غلط؛ فقد تظاهرت الأحاديث في مسلم وغيره: أن النبي قيل له: ما شأن الناس

<<  <  ج: ص:  >  >>