«حِلُّوا، واجعلوها عمرة»، فبلغه [عنا] أنا نقول: لما لم يكن بيننا وبين عرفة إلا خمس أمرنا أن نحلّ، فنروح إلى منى ومذاكيرنا تقطر منيّاً؟ فقام النبي ﷺ فخطبنا، فقال:«قد بلغني الذي قلتم، وإني لأتقاكم وأبركم، ولولا الهدي لحللت، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت، حِلُّوا واجعلوها عمرة».
قال: وقدم عليّ من اليمن، قال:«بم أهللت؟»، فقال: بما أهلّ به النبي ﷺ، قال:«فأهدِهِ [وعند البقية: فأهد] وامكث حراماً كما أنت».
زاد عند النسائي وابن سعد وابن حبان: قال: وقال سراقة بن مالك بن جعشم: يا رسول الله! أرأيت عمرتنا هذه لعامنا هذا أو للأبد؟ قال:«هي للأبد».
ولفظ حماد بن زيد [عند البخاري (٢٥٠٥ و ٢٥٠٦)، وأبي نعيم في مستخرجه عليه، والطبراني (٦٥٧٣)]، قال: أخبرنا عبد الملك بن جريج، عن عطاء، عن جابر:
وعن طاووس، عن ابن عباس،﵃ قالا: قدم النبي ﷺ وأصحابه صبح رابعة من ذي الحجة مهلين بالحج، لا يخلطهم شيء، فلما قدمنا أمرنا فجعلناها عمرة، وأن نحل إلى نسائنا، ففشت في ذلك القالة، قال عطاء: فقال جابر: فيروح أحدنا إلى منى، وذكره يقطر منيّاً! فقال جابر بكفه، فبلغ ذلك النبي ﷺ، فقام خطيباً، فقال:«بلغني أن أقواماً يقولون كذا وكذا، والله لأنا أبر وأتقى لله منهم، ولو أني استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت، ولولا أن معي الهدي لأحللت».
فقام سراقة بن مالك بن جعشم، فقال: يا رسول الله! هي لنا أو للأبد؟ فقال:«لا، بل للأبد».
قال: وجاء علي بن أبي طالب، فقال أحدهما: يقول: لبيك بما أهل به رسول الله ﷺ، وقال الآخر: لبيك بحجة رسول الله ﷺ، فأمر النبي ﷺ أن يقيم على إحرامه، وأشركه في الهدي. والسياق للبخاري.
ولفظ عبد الرزاق [في المصنف]، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: قال عطاء: من أهل من خلق الله ممن له متعة بالحج خالصاً، أو بحج وعمرة جميعاً، فهي متعة؛ سنة الله وسنة رسوله ﷺ، ثم أخبرني أنه سمع جابر بن عبد الله، يقول: أهللنا أصحاب رسول الله ﷺ بالحج خالصاً، ليس معه عمرة، فقدم النبي ﷺ مكة صبح رابعة مضت من ذي الحجة، فلما قدمنا أمرنا النبي ﷺ أن نحل، فقال:«حلُّوا، وأصيبوا النساء»، قال عطاء: ولم يعزم عليهم أن يصيبوا النساء، ولكن أحلهن لهم، قال عطاء: قال جابر: فبلغه عنا أنا نقول: لما لم يكن بيننا وبين عرفة إلا خمس أمرنا أن نحل إلى نسائنا نأتي عرفة تقطر مذاكيرنا المني، فقام النبي ﷺ فينا فقال:«لقد علمتم أني أتقاكم لله وأحزمكم وأبركم، ولولا هديي لحللت، فحلُّوا، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت» فحللنا وسمعنا وأطعنا.
وقدم علي بن أبي طالب من سعايته، فقال له النبي ﷺ:«بما أهللت يا علي؟»، قال: بما أهل به النبي ﷺ، قال:«فاهدِ، وامكث حراماً كما أنت»، وأهدى له علي هدياً.