للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أخرجه أبو الفتح المقدسي في تحريم نكاح المتعة (٤٧).

قلت: هذا حديث منكر؛ تفرد به عن أبي بكر بن أبي أويس، وعن عبد العزيز الدراوردي، بهذين الإسنادين: يعقوب بن محمد بن عيسى الزهري، وقد تقدم تخريجه عند الكلام عن طريق عمارة بن غزية عن الربيع بن سبرة.

أقوال الفقهاء:

قال الشافعي في اختلاف الحديث (٢٠٨): «وإن كان حديث الربيع بن سبرة يثبت، فهو يبين أن رسول الله أحل نكاح المتعة، ثم قال: «هي حرام إلى يوم القيامة». قال: فإن لم يثبت، ولم يكن في حديث علي بيان أنه ناسخ لحديث ابن مسعود وغيره مما روى إحلال المتعة، سقط تحليلها بدلائل القرآن والسنة والقياس».

وقال ابن المنذر في الأوسط (٨/ ٤١٧): «وقد ثبت عن رسول الله خبر يدل على أن تحريم المتعة لا يجوز أن يقع عليه النسخ، ويدل على أن التحريم كان بعد الرخصة، لأن قوله : «ألا وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة»؛ يدل على إبطال دعوى من ادعى أن ذلك أبيح بعد الحظر أولاً، غير جائز أن يخبر الرسول عن الله جل ثناؤه أنه حرم ذلك إلى يوم القيامة، ثم يقع عليه التبديل».

ثم قال أيضا (٨/ ٤١٩): «قد رويت عن الأوائل أخبار بالرخصة فيها، وليست فيها فائدة مع أخبار رسول الله ، فإن الله جل وعز حرمها إلى يوم القيامة».

قلت: قد اتفق الشيخان على حديث علي بن أبي طالب في تحريم المتعة يوم خيبر، وأخرجه مسلم من حديث سبرة بن معبد عام الفتح، ونص فيه على استمرار التحريم واستدامته إلى يوم القيامة، بما لا يدع مجالاً للقول بنسخ التحريم مرة أخرى، وعليه: فإن الإباحة لنكاح المتعة وقع مرتين، كما وقع التحريم مرتين، الأولى في غزوة خيبر، ثم أبيحت في فتح مكة، ثم حرمت في نفس الغزوة مرة أخرى على التأبيد إلى يوم القيامة، وسيأتي تفصيل القول في هذه المسألة، في موضعها من كتاب النكاح، إن شاء الله تعالى، والله أعلم.

وقال أبو بكر الجصاص في أحكام القرآن (٣/ ١٠١): «فإن قيل: هذه الأخبار متضادة؛ لأن في حديث سبرة الجهني: أن النبي أباحها لهم في حجة الوداع، وقال بعضهم: عام الفتح، وفي حديث علي وابن عمر: أن النبي حرمها يوم خيبر، وخيبر كانت قبل الفتح، وقبل حجة الوداع، فكيف تكون مباحة عام الفتح أو في حجة الوداع، وقد حرمت قبل ذلك عام خيبر؟ قيل له: الجواب عن هذا من وجهين: أحدهما: أن حديث سبرة مختلف في تاريخه، فقال بعضهم: في حجة الوداع، وفي كلا الحديثين: أن النبي أباحها في تلك السفرة ثم حرمها، فلما اختلفت الرواة في تاريخه، سقط التاريخ، وحصل الخبر غير مؤرخ، فلا يضاد حديث علي وابن عمر، الذي اتفقا على تاريخه؛ أنه حرمها يوم خيبر، والوجه الآخر: أنه جائز أن يكون حرمها يوم خيبر، ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>