أحلها في حجة الوداع أو في فتح مكة، ثم حرمها، فيكون التحريم المذكور في حديث علي وابن عمر منسوخاً بحديث سبرة الجهني، ثم تكون الإباحة بما في حديث سبرة أيضاً؛ لأن ذلك غير ممتنع».
قلت: تقدم بيان أن الصحيح من حديث سبرة أن تحريم نكاح المتعة كان عام الفتح.
وقال الماوردي في الحاوي (٩/ ٣٣٠): «فإن قيل: فهذه الأحاديث مضطربة يخالف بعضها بعضاً، لأنه روي في بعضها: أنه حرمها عام خيبر، وروي في بعضها: أنه حرمها عام الفتح بمكة، وروي في بعضها عنه: حرمها في غزوة تبوك، وروي في بعضها: أنه حرمها في حجة الوداع، وبين كل وقت ووقت زمان ممتد، ففيه جوابان:
أحدهما: أنه تحريم كرره في مواضع ليكون أظهر وأنشر حتى يعلمه من لم يكن قد علمه، ولأنه قد يحضر في بعض المواضع من لم يحضر معه في غيره، فكان ذلك أبلغ في التحريم وأوكد.
والجواب الثاني: أنا كانت حلالاً فحرمت عام خيبر، ثم أباحها بعد ذلك لمصلحة علمها، ثم حرمها في حجة الوداع، ولذلك قال فيها: «وهي حرام إلى يوم القيامة» تنبيهاً على أن ما كان من التحريم المتقدم مؤقت تعقبته إباحة، وهذا تحريم مؤبد لا تتعقبه إباحة، ولأنه إجماع الصحابة، روي ذلك عن أبي بكر وعمر وعلي، وابن مسعود، وابن عمر، وابن الزبير، وأبي هريرة».
قلت: تقدم بيان أن الصحيح من حديث سبرة أن تحريم نكاح المتعة كان عام الفتح.
وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٢٦/ ٦٨): «كما اشتبه على من روى: أنه نهى عن متعة النساء في حجة الوداع، وإنما كان النهي في غزاة الفتح».
وقال ابن كثير في البداية (٦/ ٦١٤): «وفي صحيح مسلم: من حديث سبرة بن معبد الجهني، قال: أمرنا رسول الله ﷺ بالمتعة عام الفتح حين دخل مكة، ثم لم يخرج حتى نهانا عنها، وفي رواية فقال: «ألا إنها حرام من يومكم هذا إلى يوم القيامة»، وفي رواية في مسند أحمد والسنن: أن ذلك كان في حجة الوداع؛ فالله أعلم».
قلت: تقدم بيان أن الصحيح من حديث سبرة أن تحريم نكاح المتعة كان عام الفتح.
وقال ابن حجر في الفتح (٩/ ١٦٩): «قال السهيلي: وقد اختلف في وقت تحريم نكاح المتعة، فأغرب ما روي في ذلك: رواية من قال: في غزوة تبوك، ثم رواية الحسن: أن ذلك كان في عمرة القضاء، والمشهور في تحريمها: أن ذلك كان في غزوة الفتح، كما أخرجه مسلم من حديث الربيع بن سبرة عن أبيه، وفي رواية عن الربيع أخرجها أبو داود: أنه كان في حجة الوداع، قال: ومن قال من الرواة: كان في غزوة أوطاس؛ فهو موافق لمن قال: عام الفتح. اهـ. فتحصل مما أشار إليه ستة مواطن: خيبر، ثم عمرة القضاء، ثم الفتح، ثم أوطاس، ثم تبوك، ثم حجة الوداع، وبقي عليه حنين، لأنها وقعت في رواية قد نبهت عليها قبل، فإما أن يكون ذهل عنها، أو تركها عمداً لخطأ رواتها، أو لكون غزوة