وقال في زاد المعاد (٢/ ١٦٧ - ط عطاءات العلم): «فحصل الترجيح لرواية من روى القرآن لوجوه عشرة … وترجيح رابع عشر: وهو أن النسك الذي اشتمل على سوق الهدي أفضل بلا ريب من نسك خلا عن الهدي، فإذا قرن كان هديه عن كل واحد من النسكين، فلم يخل نسك منهما عن هدي، ولهذا - والله أعلم - أمر رسول الله ﷺ من ساق الهدي أن يُهِلَّ بالحج والعمرة معاً، وأشار إلى ذلك في المتفق عليه من حديث البراء بقوله: «إني سقت الهدي وقرنت» اهـ. قلت: لم يخرجه البخاري ولا مسلم، إنما أخرجه من أصحاب السنن أبو داود والنسائي حسب، كما لم يخرجه أحمد.
وقال ابن كثير في إرشاد الفقيه (١/ ٣١٠): «ومنهم من صرح بالقرآن، كما رواه أبو داود والنسائي بإسناد على شرط مسلم، عن البراء بن عازب: أن رسول الله ﷺ قال لعلي: «إني سقت الهدي وقرنت» اهـ.
وقال في البداية والنهاية (٧/ ٤٦٢): «وهو على شرط الشيخين، وعلله الحافظ البيهقي بأنه لم يذكر هذا اللفظ في سياق حديث جابر الطويل، وهذا التعليل فيه نظر، لأنه قد روي القرآن من حديث جابر بن عبد الله».
وقال ابن الملقن في التوضيح (١١/ ١٧٤): «ولأبي داود بإسناد جيد؛ عن البراء، عن علي؛ أنه ﵇ لمَّا قدم من اليمن قال: «إني قد سقت الهدي وقرنت» اهـ.
وقال ابن حجر في موافقة الخبر (١/ ٢٨٧): «هذا حديث صحيح، … وله شاهد في صحيح مسلم من حديث جابر، في قصة علي وفاطمة، وليس فيه قوله: «وقرنت» اهـ.
وقال أيضاً (١/ ٢٨٩): «قال الدارقطني: هذا حديث غريب من حديث البراء عن علي عن فاطمة ﵃، لم يروه عن أبي إسحاق السبيعي إلا ابنه يونس، تفرد به حجاج عن يونس، وكذا قال الطبراني في الأوسط؛ أن حجاج بن محمد تفرد به، وأغفلا جميعاً: رواية الحسن بن قتيبة التي شقتها [كذا]، إما لأنها تقع لهما، وإما لشدة ضعف الراوي عنه، والثاني بعيد لعدم توقفهما على ذلك في كثير من الأسانيد».
قلت: ويتحصل من مجموع ما تقدم نقله: أن أقوال الأئمة والنقاد تنقسم إلى قسمين: قسم صرح بتصحيح الحديث، وهم ابن تيمية وابن القيم، وابن كثير، وابن الملقن، وابن حجر.
وقسم اشتمل كلامه على تصحيح ضمني، حيث قبلوه من جهة الرواية، وردوا منه فقط اللفظة المشكلة المصرحة بالقرآن أو قالوا بظاهره، ومنهم: الخطابي، والبيهقي، وابن عبد البر.
• وهذا الإسناد يحيى بن معين، قال: حدثنا حجاج بن محمد: حدثنا يونس، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب: رجاله ثقات.
وأبو إسحاق السبيعي قد سمع من البراء بن عازب، وحديثه عنه مبثوث في الصحيحين، لكن من رواية شعبة، وسفيان الثوري، وإسرائيل، وزهير بن معاوية،