وأمسك لي من كل بدنة منها ببضعة؛ على جواز أكل القارن والمتمتع من لحم هديه، وهو غير دال على ما قاله، لأن سبع بدنة يجزئه عن نسكه، ويكون فيه جبران لنقصه، فيحصل الأكل من حصة التطوع دون الواجب».
وقال القاضي عبد الوهاب المالكي في شرح الرسالة (٢/ ٢٦١): «وإذا ثبت بما ذكرناه من الروايات المستفيضة في صفة فعله ﷺ للحج أنه كان مفرداً علم أن ذلك هو الأفضل … ، وقد اعترضوا على هذه الروايات بما روي في مقابلتها بما ينفيها؛ قالوا: والروايات الظاهرات أن رسول الله ﷺ كان قارناً؛ … »، ثم ذكر حديث ابن معين هذا، وفيه:«فإني قد سقت الهدي وقرنت»، ثم قال:«وهذا تصريح منه ﷺ بأنه كان قارناً».
وقال ابن حزم في المحلى (٥/ ٩٢): «فهذا أولى أن يتبع من رأي رآه عمر، قد صح عنه رجوعه عنه؛ وقد خالفوه فيه أيضاً».
وقال البيهقي في السنن (٥/١٥): «وليس ذلك في حديث جابر بن عبد الله حين وصف قدوم علي ﵁ وإهلاله، وحديث جابر: أصح سنداً وأحسن سياقة، ومع حديث جابر: حديث أنس بن مالك».
وقال في الخلافيات (٣/ ١٦٤ - اختصار ابن فرح): «قوله: «وقرنت» ليس بمذكور في الروايات الواردة في الصحيحين عن جابر وأنس ﵄ في قدوم علي ﵁ من اليمن، وجعل العلة في امتناعه من التحلل كون الهدي معه، والقارن لا يحل من إحرامه حتى يحل منهما جميعاً، سواء كان معه هدي أو لم يكن، فدل على خطأ تلك اللفظة، والله أعلم».
وقال في المعرفة (٧/ ٧٧): «الذي روي في حديث البراء بن عازب في إهلال علي بإهلال النبي ﷺ، وقول النبي ﷺ: إني قد سقت الهدي، وقرنت خطأ، وقد روى قصة علي جابر، وأنس، ولم يذكرا فيها قوله: «وقرنت» اهـ.
قلت: لم يرجع البيهقي على الرواية بالتضعيف، والإعلال بالتفرد، وإنما جزم بخطأ هذه اللفظة وحدها:«وقرنت»؛ مما يدل على ثبوت الحديث عنده؛ إذ لو لم يكن ثابتاً لما احتاج إلى تخطئة الثقات.
وقال ابن عبد البر في الاستذكار (٤/ ٣٠٧): فهذا أنس يخبر أنه سمع النبي ﷺ يلبي بالعمرة والحج معاً، وعلي يخبر أنه سمعه يقول:«سقت الهدي وقرنت»، وليس يوجد عن النبي ﷺ من وجه صحيح إخبار عن نفسه أنه أفرد ولا أنه تمتع، وإنما يوجد عن غيره إضافة ذلك إليه بما يحتمل التأويل، وهذا لفظ يرفع الإشكال، ويدفع الاحتمال، وبالله التوفيق وهو المستعان».
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة (٤/ ٣١١ - ط عطاءات العلم): «رواه أبو داود بإسناد صحيح».
وقال ابن القيم في تهذيب السنن (٣/ ٣١٣ - ط عطاءات العلم): «وهو حديث صحيح، رواه أهل السنن».