«وتقديره: فلما مسحوا الركن وأتموا طوافهم وسعيهم وحلقوا أو قصروا أحلوا، ولا بد من تقدير هذا المحذوف، وإنما حذفته للعلم به، وقد أجمعوا على أنه لا يتحلل قبل إتمام الطواف، ومذهبنا ومذهب الجمهور: أنه لا بد أيضا من السعي بعده، ثم الحلق أو التقصير، وشذ بعض السلف فقال: السعي ليس بواجب … ».
وقال ابن حجر في فتح الباري (٣/ ٤٧٩)«: فمعنى قوله: ثم لم تكن عمرة، أي: لم تكن الفعلة عمرة، هذا إن كان بالنصب على أنه خبر كان، ويحتمل أن تكون كان تامة، والمعنى: ثم لم تحصل عمرة، وهي على هذا بالرفع، وقد وقع في رواية مسلم بدل عمرة: غيره، بغين معجمة وياء ساكنة وآخره هاء، قال عياض وهو تصحيف، وقال النووي: لها وجه؛ أي: لم يكن غير الحج، وكذا وجهه القرطبي. قوله: ثم حججت مع أبي الزبير، كذا للأكثر، والزبير بالكسر بدل من أبي، ووقع في رواية الكشميهني: مع ابن الزبير، يعني: أخاه عبد الله، قال عياض: وهو تصحيف، وسيأتي في الطريق الآتية بعد أربعة عشر بابا مع أبي الزبير بن العوام، وكأن سبب هذا التصحيف أنه وقع في تلك الطريق من الزيادة بعد ذكر أبي بكر وعمر ذكر عثمان ثم معاوية وعبد الله بن عمر، قال: ثم حججت مع أبي الزبير، فذكره، وقد عرف أن قتل الزبير كان قبل معاوية وابن عمر، لكن لا مانع أن يحجا قبل قتل الزبير، فرآهما عروة، أو لم يقصد بقوله: ثم؛ الترتيب، فإن فيها أيضا: ثم آخر من رأيت فعل ذلك ابن عمر، فأعاد ذكره مرة أخرى، وأغرب بعض الشارحين فرجح رواية الكشميهني، موجها لها بما ذكرته، وقد أوضحت جوابه بحمد الله. قوله: وقد أخبرتني أمي، هي: أسماء بنت أبي بكر، وأختها هي عائشة، واستشكل من حيث إن عائشة في تلك الحجة لم تطف لأجل حيضها، وأجيب بالحمل على أنه أراد حجة أخرى غير حجة الوداع، فقد كانت عائشة بعد النبي ﷺ تحج كثيرا».
و - رواه إبراهيم بن سعد [ثقة حجة، من أثبت الناس في ابن إسحاق]، عن ابن إسحاق [محمد بن إسحاق بن يسار: صدوق]، قال: حدثني أبي إسحاق بن يسار تابعي، ثقة، قال: إنا لبمكة إذ خرج علينا عبد الله بن الزبير، فنهى عن التمتع بالعمرة إلى الحج، وأنكر أن يكون الناس صنعوا ذلك مع رسول الله ﷺ، فبلغ ذلك عبد الله بن عباس، فقال: وما علم ابن الزبير بهذا، فليرجع إلى أمه أسماء بنت أبي بكر فليسألها، فإن لم يكن الزبير قد رجع إليها حلالا وحلت، فبلغ ذلك أسماء، فقالت: يغفر الله لابن عباس، والله لقد أفحش، قد والله صدق ابن عباس، لقد حلوا وأحللنا، وأصابوا النساء.
أخرجه أحمد (٣/٤). [لمسند المصنف (٣٠/٣٦/١٧٢٨٥)].
قلت: إسناده جيد؛ لكن يشكل عليه أن الزبير بن العوام لم يحل؛ لكونه كان قارنا، وقد ساق الهدي، فلم يحلل حتى كان يوم النحر.
وإسحاق بن يسار المدني: تابعي، ثقة، رأى معاوية، قال ابن معين:«ثقة»، وقال أبو زرعة:«ثقة، وهو أوثق من ابنه»، وذكره ابن حبان في الثقات، لكن في سؤالات