للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

«وقوله: فلما مسحوا الركن حلوا؛ يعني بذلك: لمس الحجر في آخر الطواف، ولم يذكر السعي بين الصفا والمروة؛ لأنه قد صار من المعلوم ملازمة السعي للطواف، فاكتفى بذكره عنه. وأيضاً: فقد وردت أخبار عن هؤلاء المذكورين، بأنهم سعوا بعد طوافهم، فتكمل الرواية الناقصة، ويرتفع الإشكال».

وقال النووي في شرح مسلم (٨/ ٢٢٠): قوله: ثم لم يكن غيره، وكذا قال فيما بعده ولم يكن غيره، هكذا هو في جميع النسخ: غيره؛ بالغين المعجمة والياء، قال القاضي عياض: كذا هو في جميع النسخ، قال: وهو تصحيف، وصوابه: ثم لم تكن عمرة، بضم العين المهملة وبالميم، وكأن السائل لعروة إنما سأله عن فسخ الحج إلى العمرة على مذهب من رأى ذلك، واحتج بأمر النبي لهم بذلك في حجة الوداع، فأعلمه عروة أن النبي لم يفعل ذلك بنفسه، ولا من جاء بعده. هذا كلام القاضي.

قلت: هذا الذي قاله من أن قول: غيره؛ تصحيف ليس كما قال، بل هو صحيح في الرواية، وصحيح في المعنى؛ لأن «قوله: غيره يتناول العمرة وغيرها، ويكون تقدير الكلام: ثم حج أبو بكر فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت ثم لم يكن غيره، أي: لم يغير الحج ولم ينقله وينسخه إلى غيره؛ لا عمرة ولا قران، والله أعلم»، ثم قال (٨/ ٢٢١): «قوله: وقد أخبرتني أمي أنها أقبلت هي وأختها والزبير وفلان وفلان بعمرة قط فلما مسحوا الركن حلوا؛ فقولها: مسحوا؛ المراد بالماسحين من سوى عائشة، وإلا فعائشة لم تمسح الركن قبل الوقوف بعرفات في حجة الوداع؛ بل كانت قارنة، ومنعها الحيض من الطواف قبل يوم النحر، وهكذا قول أسماء بعد هذا: اعتمرت أنا وأختي عائشة والزبير وفلان وفلان، فلما مسحنا البيت أحللنا، ثم أهللنا بالحج؛ المراد به أيضاً: من سوى عائشة، وهكذا تأوله القاضي عياض والمراد الإخبار عن حجتهم مع النبي حجة الوداع على الصفة التي ذكرت في أول الحديث، وكان المذكورون سوى عائشة محرمين بالعمرة، وهي عمرة الفسخ التي فسخوا الحج إليها، وإنما لم تستثن عائشة لشهرة قصتها، قال القاضي عياض: وقيل: يحتمل أن أسماء أشارت إلى عمرة عائشة التي فعلتها بعد الحج مع أخيها عبد الرحمن من التنعيم، قال القاضي: وأما قول من قال: يحتمل أنها أرادت في غير حجة الوداع فخطأ؛ لأن في الحديث التصريح بأن ذلك كان في حجة الوداع، هذا كلام القاضي. وذكر مسلم بعد هذه الرواية رواية إسحاق بن إبراهيم، وفيها: أن أسماء قالت: خرجنا محرمين، فقال رسول الله : «من كان معه هدي فليقم على إحرامه، ومن لم يكن معه هدي فليحلل»، فلم يكن معي هدي فحللت، وكان مع الزبير هدي فلم يحل، فهذا تصريح بأن الزبير لم يتحلل في حجة الوداع قبل يوم النحر، فيجب استثناؤه مع عائشة، أو يكون إحرامه بالعمرة وتحلله منها في غير حجة الوداع، والله أعلم. وقولها: فلما مسحوا الركن حلوا، هذا متأول عن ظاهره، لأن الركن هو الحجر الأسود، ومسحه يكون في أول الطواف، ولا يحصل التحلل بمجرد مسحه بإجماع المسلمين»،

<<  <  ج: ص:  >  >>