للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

«والمروة، وعلى ذلك تأوله الفقهاء». [وانظر كلام المهلب في المختصر النصيح ٢/ ١٣٨]

قال ابن حزم في المحلى (٥/ ٩٥): هذا باطل بلا خلاف من أحد؛ لأن عائشة لم تعتمر في عام حجة الوداع قبل الحج أصلاً؛ لأنها دخلت وهي حائض، حاضت بسرف، ولم تطف بالبيت إلا بعد أن طهرت يوم النحر، هذا أمر في شهرة الشمس؛ ولذلك رغبت من النبي أن يُعمرها بعد الحج، فأعمرها من التنعيم بعد انقضاء أيام التشريق كلها، رواه جابر بن عبد الله، ورواه عن عائشة: عروة، والقاسم بن محمد، وطاووس، ومجاهد، والأسود بن يزيد، وابن أبي مليكة.

وبلية أخرى في هذا الخبر وهي قوله فيه: «ثم أهللنا من العشي بالحج، وهذا باطل بلا خلاف، لأن عائشة أم المؤمنين وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك وابن عباس كلهم رووا: أن الإحلال كان يوم دخولهم مكة مع النبي ، وأن إهلالهم بالحج كان يوم التروية، وهو يوم منى، وبين يوم إحلالهم ويوم إهلالهم ثلاثة أيام بلا شك؛ لأن رسول الله دخل مكة في حجة الوداع صبح رابعة من ذي الحجة، والأحاديث في ذلك مشهورة قد ذكرناها في كتبنا وذكرها الناس وكل من جمع في المسند؛ فظهر عوار رواية أبي الأسود، وقد روى الزهري عن عروة عن عائشة: أمر النبي من لا هدي له بفسخ الحج، وأنهم فسخوه، ولا يعدل أبو الأسود بالزهري».

وقال في حجة الوداع (٣٤٨): «هذه وهلة لا خفاء بها على أحد ممن له أقل علم بالحديث لوجهين باطلين فيه بلا شك: أحدهما: قوله فيه فاعتمرت أنا وأختي عائشة، ولا خلاف بين أحد من أهل النقل أن عائشة لم تعتمر أول دخولها مكة، ولذلك أعمرها من التنعيم، وبعد تمام الحج ليلة الحصبة، هكذا روى جابر بن عبد الله، ورواه عن عائشة، الأثبات، كالأسود بن يزيد، وابن أبي مليكة، والقاسم بن محمد، وعروة، وطاووس، ومجاهد، والموضع الثاني: قوله فيه: فلما مسحنا البيت أحللنا، ثم أهللنا من العشي بالحج، وهذا باطل لا شك فيه، لأن جابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وابن عباس، وعائشة كلهم رووا أن الإحلال كان يوم دخولهم مكة، وأن إهلالهم بالحج كان يوم التروية، وبين اليومين المذكورين ثلاثة أيام بلا شك».

فتعقبه في ذلك ابن القيم، فقال في زاد المعاد (٢/ ٢٤٨ - ط عطاءات العلم): «قلت: الحديث ليس بمنكر ولا باطل، وهو صحيح، وإنما أتي أبو محمد رحم الله فيه من فهمه، فإن أسماء أخبرت أنها اعتمرت هي وعائشة، وهكذا وقع بلا شك» [قلت: يعني: ما وقع في رواية عروة عن عائشة]: خرجنا مع رسول الله موافين لهلال ذي الحجة، فقال لنا: «من أحب منكم أن يهل بالحج فليهل، ومن أحب أن يهل بعمرة فليهل بعمرة، فلولا أني أهديت لأهللت بعمرة»، قالت: فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج، وكنت ممن أهل بعمرة، فأظلني يوم عرفة وأنا حائض، فشكوت إلى النبي فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>