للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

«ارفضي عُمرتكِ، وانقُضي رأسَكِ، وامتشطي، وأهِلّي بالحج»، فلما كان ليلة الحصبة، أرسل معي عبد الرحمن إلى التنعيم، فأهللت بعمرة مكان عمرتي. أخرجه البخاري (٣١٧ و ١٧٨٣ و ١٧٨٦)، ومسلم (١١٥/ ١٢١١ و ١١٦)، وتقدم تخريجه برقم (١٧٧٨)، يعني: أن عائشة أول أمرها قد أهلت بعمرة، ثم إنها أدخلت عليها الحج لما حاضت [فصارت قارنة].

ثم قال ابن القيم: «وأما قولها: فلما مسحنا البيت أحللنا، إخبار عنها نفسها، وعمن لم يصبه عذر الحيض الذي أصاب عائشة، وهي لم تصرح بأن عائشة مسحت البيت يوم دخولهم مكة، وأنها حلت ذلك اليوم، ولا ريب أن عائشة قدمت بعمرة، ولم تزل عليها حتى حاضت بسرف، فأدخلت عليها الحج، وصارت قارنة. فإذا قيل: اعتمرت عائشة مع النبي ، أو قدمت بعمرة، لم يكن هذا كذباً. [قلت: ويقال مثله أيضاً في زوجها الزبير، فإنه كان قارناً، فيصدق عليه أنه اعتمر، ولكن لكونه ساق الهدي؛ فإنه لم يحل، وقد صرحت بذلك أسماء، في رواية صفية بنت شيبة عنها].

وأما قولها: ثم أهللنا من العشي بالحج، فهي لم تقل: إنهم أهلوا من عشي يوم القدوم، ليلزم ما قال أبو محمد، وإنما أرادت عشي يوم التروية. ومثل هذا لا يحتاج في ظهوره وبيانه إلى أن يصرح فيه بعشي ذلك اليوم بعينه؛ لعلم الخاص والعام به، وأنه مما لا تذهب الأوهام إلى غيره، فرد أحاديث الثقات بمثل هذا الوهم مما لا سبيل إليه».

وقال ابن حجر في الفتح (٣/ ٦١٧): «قوله: ونحن يومئذ خفاف، زاد مسلم في روايته: خفاف الحقائب والحقائب: جمع حقيبة، بفتح المهملة وبالقاف وبالموحدة، وهي ما احتقبه الراكب خلفه من حوائجه في موضع الرديف. قوله: فاعتمرت أنا وأختي، أي: بعد أن فسخوا الحج إلى العمرة، ففي رواية صفية بنت شيبة عن أسماء»: قدمنا مع رسول الله مهلين بالحج، فقال: «من كان معه هدي فليقم على إحرامه، ومن لم يكن معه هدي فليحل»، فلم يكن معي هدي فأحللت، وكان مع الزبير هدي فلم يحل. انتهى.

وهذا مغاير لذكرها الزبير مع من أحل في رواية عبد الله مولى أسماء، فإن قضية رواية صفية عن أسماء أنه لم يحل لكونه ممن ساق الهدي؛ فإن جمع بينهما بأن القصة المذكورة وقعت لها مع الزبير في غير حجة الوداع كما أشار إليه النووي على بعده [قلت: تقدم تأويله، وبيان وجه الجمع بينهم] ا، وإلا فقد رجح عند البخاري رواية عبد الله مولى أسماء فاقتصر على إخراجها دون رواية صفية بنت شيبة [قلت: وكلاهما صحيح، والجمع بينهما ممكن]، وأخرجهما مسلم مع ما فيهما من الاختلاف، ويقوي صنيع البخاري ما تقدم في باب الطواف على وضوء، من طريق محمد بن عبد الرحمن وهو أبو الأسود المذكور في هذا الإسناد، قال: سألت عروة بن الزبير فذكر حديثاً، وفي آخره: وقد أخبرتني أمي أنها أهلت هي وأختها والزبير وفلان وفلان بعمرة، فلما مسحوا الركن حلوا، والقائل: أخبرتني؛ عروة المذكور، وأمه هي أسماء بنت أبي بكر، وهذا موافق لرواية عبد الله مولى

<<  <  ج: ص:  >  >>