وقال ابن حجر في فتح الباري (٣/ ٦١٧): «قوله: حدثنا أحمد؛ كذا للأكثر غير منسوب، وفي رواية كريمة: حدثنا أحمد بن عيسى، وفي رواية أبي ذر: حدثنا أحمد بن صالح، وقد أخرجه مسلم عن أحمد بن عيسى عن ابن وهب» [وكذا هو في نسخة القسطلاني، غير منسوب، ونقل كلام ابن حجر. إرشاد الساري (٨/٤٩ - ط عطاءات العلم)].
وقال العيني في عمدة القاري (١٠/ ١٣٠): «وفي رواية الأكثرين: حدثنا أحمد؛ غير منسوب، يحدث عنه البخاري في غير موضع كذا من غير نسبة، واختلفوا فيه، فقال قوم: إنه أحمد بن عبد الرحمن ابن أخي عبد الله بن وهب، وقال آخرون: إنه أحمد بن صالح، أو أحمد بن عيسى، وقال أبو أحمد الحافظ النيسابوري: أحمد بن وهب هو ابن أخي ابن وهب، وقال أبو عبد الله ابن منده كل ما قال البخاري في الجامع: حدثنا أحمد عن ابن وهب، هو أحمد بن صالح المصري، ولم يخرج البخاري عن أحمد بن عبد الرحمن في الصحيح شيئاً، وإذا حدث عن أحمد بن عيسى نسبه، ووقع في رواية أبي ذر: حدثنا أحمد بن صالح. وقد أخرجه مسلم عن أحمد بن عيسى عن ابن وهب».
قلت: قبل نقل كلام النقاد والشراح على هذا الحديث، وما اشتمل عليه مما يخالف الأحاديث الصحاح عن عائشة وجابر وأسماء وغيرهم:
فإن البخاري إنما أخرج هذا الحديث في موضع واحد من كتاب العمرة، (١١) باب: متى يحل المعتمر، ثم بدأ فعلق حديث عطاء عن جابر، ثم أسند حديث ابن أبي أوفى (١٧٩١ و ١٧٩٢)، ثم حديث ابن عمر وجابر (١٧٩٣ و ١٧٩٤)، ثم حديث طارق بن شهاب عن أبي موسى (١٧٩٥)، ثم ختم الباب بهذا الحديث وعليه: فإن ما أشكل فيه من المعنى قد سبق تفسيره وإيضاحه ورفع الإشكال الواقع فيه فيما تقدمه من الأحاديث.
وأما مسلم فإنه قد ختم به الباب أيضاً، وقد سبقه مباشرة بحديث صفية بنت شيبة عن أسماء، وفيه التصريح بكون أسماء كانت قد حلت بعد العمرة، لكونها لم تسق الهدي، وصرحت بأن زوجها الزبير لم يحل لكونه قد ساق الهدي، وذكرت القصة بينهما مما يؤكد كون الزبير ممن لم يحل بعمرة بعد طواف القدوم، وكان قد تقدمه أيضاً برواية أبي الأسود عن عروة، وفيه تفصيل ما أجمل في رواية أبي الأسود عن مولى أسماء، على ما سيأتي بيانه، والله أعلم.
قال ابن بطال في شرح صحيح البخاري (٤/ ٤٤٧): «اتفق أئمة الفتوى على أن المعتمر يحل من عمرته؛ إذا طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة؛ وإن لم يكن حلق ولا قصر، على ما جاء في هذا الحديث، ولا أعلم في ذلك خلافاً، إلا شذوذاً روى عن ابن عباس أنه قال: العمرة الطواف، وتبعه عليه إسحاق بن راهويه والحجة في السنة؛ لا في خلافها».
وقال أيضاً (٤/ ٤٥٠): «قولها: فلما مسحنا البيت أحللنا»؛ يريد بعد السعي بين الصفا