قال ابن حزم في المحلى (٧/ ٥٦٢): «محمد بن المهاجر ضعيف، وكيسان مجهول»، قلت: نعم؛ كسان مجهول، لكن محمد بن المهاجر هذا هو الأنصاري الشامي، وقد وثقه: أحمد، وابن معين، ودحيم، وأبو زرعة الدمشقي، وأبو داود، ويعقوب بن سفيان، والعجلي، وابن حبان، وقال النسائي:«ليس به بأس» [التهذيب (١٢/ ٣٦٥ - ط دار البر)].
وقال ابن حزم في رسالة في الغناء (٤٣٤): «وأما حديث معاوية، فإن فيه كيسان، ولا يدرى من هو، ومحمد بن مهاجر، وهو: ضعيف؛ وفيه النهي عن الشعر وهم يبيحونه».
وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (٤/ ٢٤٣): «وكيسان: مجهول، لا أعلم روى عنه إلا محمد بن مهاجر».
قلت: قد تفرد به عن معاوية بهذه الخصال التسع: أبو حريز كيسان القرشي، مولى معاوية بن أبي سفيان، وهو: مجهول، والله أعلم.
وحاصل ما تقدم: فإنا إذا استثنينا المناكير، وأبقينا على ما يمكن أن يصلح في الشواهد والمتابعات، من طرق حديث معاوية، يتبين لنا:
أن موضع الشاهد في النهي عن الجمع بين الحج والعمرة: إنما ورد في حديث قتادة، مع مخالفة الصحابة لمعاوية:
• رواه قتادة، عن أبي شيخ الهنائي؛ أن معاوية قال لنفر من أصحاب رسول الله ﷺ: أتعلمون أن رسول الله ﷺ نهى عن صُفَف النمور؟ فقالوا: اللهم نعم، قال: وأنا أشهد. قال: أتعلمون أن النبي ﷺ نهى عن لبس الذهب إلا مُقطَّعاً؟ قالوا: اللهم نعم. قال: أتعلمون أن النبي ﷺ نهى أن يُقرن بين الحج والعمرة؟ قالوا: اللهم لا، قال: والله، إنها لمعهن.
وفي رواية: عن أبي شيخ الهنائي، قال: كنت في ملأ من أصحاب رسول الله ﷺ عند معاوية، فقال معاوية: أنشدكم الله! أتعلمون أن رسول الله ﷺ نهى عن لبس الحرير؟ قالوا: اللهم نعم، قال: وأنا أشهد. قال: أنشدكم الله! أتعلمون أن رسول الله ﷺ نهى عن لبس الذهب إلا مُقطَّعاً؟ قالوا: اللهم نعم، قال: وأنا أشهد. قال: أنشدكم الله! أتعلمون أن رسول الله ﷺ نهى عن ركوب النمور؟ قالوا: اللهم نعم، قال: وأنا أشهد. قال: أنشدكم الله! أتعلمون أن رسول الله ﷺ نهى عن الشرب في آنية الفضة؟ قالوا: اللهم نعم، قال: وأنا أشهد. قال: أنشدكم الله! أتعلمون أن رسول الله ﷺ نهى عن جمع بين حج وعمرة؟ قالوا: أما هذا فلا، قال: أما إنها معهن.
وفي حديث بيهس بن فهدان، وفيه موافقة الصحابة لمعاوية:
• رواه بيهس بن فهدان [الهنائي: ثقة مقل]، قال: حدثنا أبو شيخ الهنائي، قال: سمعت معاوية وحوله ناس من المهاجرين والأنصار، … وفي رواية: كنت عند معاوية