ولا يمكن معارضة الأحاديث الصحاح المتواترة المشهورة المروية بأصح الأسانيد؛ بمثل رواية المجاهيل والمبهمات والمراسيل.
ب - ورواه شريك، عن أبي فروة، عن الحسن، قال: خطب معاوية الناس، فقال: إني محدثكم بحديث سمعته من رسول الله ﷺ، فما سمعتم منه فصدقوني، سمعت رسول الله ﷺ يقول: «لا تلبسوا الذهب إلا مُقطَّعاً؟»، قالوا: سمعنا. قال: وسمعته يقول: «من ركب النمور لم تصحبه الملائكة؟»، قالوا: سمعنا. قال: وسمعته ينهى عن المتعة؟، قالوا: لم نسمع، فقال: بلى، وإلا فصمتا.
أخرجه النسائي في الكبرى (٨/ ٤٧١/ ٩٧٣٨)، ومن طريقه: ابن حزم في حجة الوداع (٥٥٠). [التحفة (٨/ ١١٤٠٤/ ١٣٠)، المسند المصنف (٢٤/ ٦٢١/ ١١١٤٧)].
قلت: الحسن البصري كثير الإرسال عمن عاصره، ولم أقف له على سماع من معاوية، ولم يصرح أحد من الأئمة بسماعه من معاوية [انظر: المراسيل (١٥١ - ١٥٤)]، ولم أجد من نفى سماعه منه [المراسيل (٩١ - ١٥٠). تحفة التحصيل (٦٧ - ٧٦)]، وهو هنا لم يذكر سماعاً، ولا ما يدل على السماع، وليس للحسن البصري عن معاوية سوى هذا الحديث في الكتب الستة، ولم أقف له عن معاوية على رواية في إتحاف المهرة، والحسن كثيراً ما يستعمل مثل هذه العبارات في مراسيله، وذلك فضلاً عن كون مراسيل الحسن من أضعف المراسيل، لأنه كان يأخذ عن كل أحد.
قال ابن سيرين: «حدثوا عمن شئتم - يعني: من المراسيل - إلا عن الحسن وأبي العالية، فإنهما لا يباليان عمن أخذا الحديث»، وقال أحمد: «ليس في المرسلات شيء أضعف من مرسلات الحسن وعطاء بن أبي رباح، فإنهما يأخذان عن كل أحد» [جامع التحصيل (٧٨)].
والراوي عنه: أبو فروة مسلم بن سالم الجهني: كوفي، لا بأس به [التهذيب (١٢/ ٧٣٣)].
وشريك بن عبد الله النخعي: صدوق، سيئ الحفظ، كثير الأوهام، يخطئ كثيراً.
وهذا الحديث منكر؛ فلا أدري ممن أتي؟ هل أتي من إرسال الحسن؟ أم من أوهام شريك؟ فلعله أتي من سوء حفظه، وكثرة وهمه، والله أعلم.
وللحديث طرق أخرى عن معاوية، وليس فيها موضع الشاهد:
١ - أبو قلابة، عن معاوية:
رواه عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي [ثقة ثبت]، وإسماعيل بن علية [ثقة ثبت، قال أحمد: «إليه المنتهى في التثبت بالبصرة»]:
حدثنا خالد الحذاء [خالد بن مهران بصري، ثقة]، عن ميمون القناد، عن أبي قلابة، عن معاوية بن أبي سفيان أن رسول الله ﷺ نهى عن ركوب النمار، وعن لبس الذهب إلا مُقطَّعاً. لفظ ابن علية [عند أبي داود وأحمد والطبراني].
