للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ولم يساعدوه عليها، ويشبه أن يكون ذهب في ذلك إلى تأويل قوله حين أمر أصحابه في حجته بالإحلال فشق عليهم: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي»، وكان قارناً، فيما دلت عليه هذه القصة، فحمل معاوية هذا الكلام منه على النهي.

وفيه وجه آخر: وهو أنه قد روي عن عمر أنه قال: «افصلوا بين الحج والعمرة فإنه أتم لحجكم وعمرتكم، ويشبه أن يكون ذلك على معنى الإرشاد، وتحري الأجر ليكثر السعي والعمل، ويتكرر القصد إلى البيت، كما روي عن عثمان أنه سئل عن التمتع بالعمرة إلى الحج، فقال: إن أتم الحج والعمرة أن لا يكونا في أشهر الحج، فلو أفردتم هذه العمرة حتى تزوروا هذا البيت زورتين كان أفضل».

وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الصغرى (١/ ٤٢١): «قال أبو داود: الهنائي اسمه خيوان بن خالد، ممن قرأ على أبي موسى من أهل البصرة. خيوان بالخاء المنقوطة، وفي باب الخاء المنقوطة ذكره أبو محمد بن أبي حاتم، وقال: روى عنه قتادة ويحيى بن أبي كثير، وذكر أبو محمد علي بن أحمد [يعني: ابن حزم] أن أبا شيخ: لم يسمع هذا الحديث من معاوية بن أبي سفيان، وقد سمع منه غير ذلك. بين هذا في حجة الوداع».

وقال بعضه في الأحكام الوسطى (٢/ ٢٧٢ - ٢٧٣)، وزاد: «وذكره البخاري في باب الحاء المهملة، وقال: روى عنه قتادة ويحيى بن أبي كثير، وقال أيضاً: «وحديث أبي شيخ المتقدم: لم يسمعه من معاوية بكماله، سمع منه النهي عن ركوب جلود النمر، وذكر النهي عن القران: سمعه من أبي جمانة عن معاوية. ومرة يقول: عن أخيه جُمان، ومرة يقول: حِمَّان. قال أبو محمد بن حزم: ولا يُعرف من هم».

وتعقبه ابن القطان الفاسي في بيان الوهم (٢/ ٤١٧/ ٤٢٤): «فهذا - كما ترى - حكم منه على الأول بالانقطاع، لزيادة واحد بينهما».

واختصار أمر هذا الحديث: هو أن أبا شيخ يرويه عنه رجلان: قتادة، ومطر، فلا يجعلان بينه وبين معاوية أحداً، ورواه عنه بيهس بن فهدان، فذكر سماعه من معاوية: لفظة النهي عن جلود النمور خاصة، وحديثه مذكور ببيان ذلك عند النسائي، ورواه عن أبي شيخ: يحيى بن أبي كثير، فأدخل بينه وبين معاوية رجلاً اختلفوا في ضبطه كما ذكر.

فقيل: أبو حمان، وقيل: جُمان، وقيل: جماز، وهو أخو أبي شيخ.

وقال الدارقطني: إن القول فيه قول من لم يدخل بين أبي شيخ ومعاوية فيه أحداً - يعني: قتادة، ومطراً، وبيهس بن فهدان.

ولكن أبي ذلك أبو محمد عبد الحق، وقضى بانقطاعه، لإدخال الواسطة بينهما، اتباعاً لابن حزم».

قلت: بل هو الصواب الذي قال به جهابذة النقاد: أحمد، والبخاري، وأبو حاتم؛ أن الصواب فيه قول من قال: عن أبي شيخ، عن أخيه حمان، عن معاوية، ويُطرح ما عداه.

<<  <  ج: ص:  >  >>