للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وروي عن بعض السلف مثله. والأحاديث الصحاح في ذلك ثلاثة:

الأول: في نحرها مقيدة في الصحيح عن ابن عمر؛ أنه أتى على رجل قد أناخ بدنته فنحرها، قال: ابعثها قياماً مقيدة سنة محمد .

الثاني: في نحرها قائمة: في الصحيح عن أنس؛ أن النبي نحر بيده سبع بدن قياماً.

وقد كان ابن عمر يأخذ الحربة بيده في عنفوان أيده فينحر بها في صدرها ويخرجها على سنامها، فلما أسن كان ينحرها باركة لضعفه، ويمسك معه رجل الحربة، وآخر بخطامها.

والعقل بعض تقييد، والعرقبة تعذيب لا أراه إلا لو ند، فلا بأس بعرقبته».

وقال القاضي عياض في إكمال المعلم (٤/ ٤٠٥): «ونهى ابن عمر عن نحر البدن باركة، وقال: ابعثها قياماً مقيدة تلك سنة نبيكم هو قول كافة العلماء، وبه فسر قوله تعالى: ﴿فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَ﴾؛ إلا أبا حنيفة والثوري، فأجازا نحرها باركة وقياماً، وشذ عطاء فخالف، واستحب نحرها باركة معقولة».

وقال ابن قدامة في المغني (٥/ ٢٩٨): «والسنة نحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى، فيضربها بالحربة في الوهدة التي بين أصل العنق والصدر.

وممن استحب ذلك مالك والشافعي، وإسحاق، وابن المنذر. واستحب عطاء نحرها باركة. وجوز الثوري وأصحاب الرأي كل ذلك.

ولنا ما روى دينار بن جبير قال: رأيت ابن عمر أتى على رجل أناخ بدنته لينحرها، فقال: ابعثها قياماً مقيدةً، سنة محمد. متفق عليه.

وروى أبو داود بإسناده عن عبد الرحمن بن سابط: أن النبي وأصحابه كانوا ينحرون البدنة معقولة اليسرى، قائمة على ما بقي من قوائمها.

وفي قول الله تعالى: ﴿فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا﴾؛ دليل على أنها تنحر قائمة. ويروى في تفسير قوله تعالى: ﴿فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَ﴾. أي: قياماً.

وتجزئه كيفما نحر؛ قال أحمد ينحر البدن معقولة على ثلاث قوائم، وإن خشي عليها أن تنفر أناخها».

وقال النووي في شرح مسلم: (٩/ ٦٩): «فيستحب نحر الإبل وهي قائمة معقولة اليد اليسرى، صح في سنن أبي داود عن جابر : أن النبي وأصحابه كانوا ينحرون البدنة معقولة اليسرى، قائمة على ما بقي من قوائمها: إسناده على شرط مسلم، أما البقر والغنم فيستحب أن تذبح مضجعة على جنبها الأيسر، وتترك رجلها اليمنى، وتشد قوائمها الثلاث، وهذا الذي ذكرنا من استحباب نحرها قياماً معقولة؛ هو مذهب الشافعي ومالك وأحمد والجمهور، وقال أبو حنيفة والثوري: يستوي نحرها قائمة وباركة في الفضيلة، وحكى القاضي عن طاووس: أن نحرها باركة أفضل، وهذا مخالف للسنة، والله أعلم» وقال نحوه في المجموع (٩/ ٨٥)، [وقال: «رواه أبو داود بإسناد صحيح»].

<<  <  ج: ص:  >  >>