روى يونس، عن زياد، قال: رأيت ابن عمر أتى على رجل قد أناخ راحلته فنحرها وهي باركة، فقال: انحرها قياماً مقيدة سنة أبي القاسم ﷺ.
وروى أيمن بن نابل، عن طاووس، في قوله تعالى: ﴿فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ﴾: قياماً. وروى سفيان، عن منصور، عن مجاهد، قال: من قرأ: صواف؛ فهي قائمة مضمومة يداها، ومن قرأ: صوافن؛ قيام معقولة.
وروى الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس قال: قرأها: صوافن، قال: معقولة، يقول: بسم الله والله أكبر.
وروى الأعمش، عن أبي الضحى، قال: سمعت ابن عباس، وسئل عن هذه الآية: صواف، قال: قياماً معقولة.
وروى جويبر، عن الضحاك، قال: كان ابن مسعود يقرأها: صوافن، وصوافن: أن يعقل إحدى يديها فتقوم على ثلاث.
وروى قتادة، عن الحسن، أنه قرأها: صوافي، قال: خالصة من الشرك.
وعن ابن عمر وعروة بن الزبير؛ أنها تنحر مستقبلة القبلة.
قال أبو بكر: حصلت قراءة السلف لذلك على ثلاثة أنحاء: أحدها: صواف، بمعنى مصطفة قياماً، وصوافي، بمعنى خالصة لله تعالى، وصوافن بمعنى معقلة في قيامها».
وقال ابن عبد البر في الاستذكار (٤/ ٣١١): «وذكرنا أن معنى قوله تعالى: ﴿صَوَافَ﴾ قياماً. وأظن اختيار العلماء لنحر البدن قياماً؛ لقوله تعالى: ﴿فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا﴾، والوجوب السقوط إلى الأرض عند العرب.
واختصار اختلافهم في هذا الباب: قال مالك: ينحر البدن قياماً، وتعقل إن خيف أن تنفر، ولا تنحر باركة إلا أن يصعب نحره. قال الشافعي: وقال الثوري: إن شاء أضجعها وإن شاء نحرها قائمة».
وقال ابن العربي المالكي في أحكام القرآن (٣/ ٢٩٢): «المسألة السادسة: في كيفية نحر الهدي: وفيه أقوال:
الأول: قال ابن وهب: أخبرني ابن أبي ذئب، أنه سأل ابن شهاب عن الصواف؟
فقال: يقيدها ثم يصفها. وقال لي مالك بن أنس مثله. وقال: فينحرها قائمة، ولا يعقلها، إلا أن يضعف إنسان فيتخوَّف أن تتفلت، بدنته فلا بأس بأن ينحرها معقولة، وإن كان يقوى عليها فلينحرها قائمة مصفوفة يداها بالقيود. قال: وسألت مالكاً عن البدنة تنحر وهي قائمة هل تعرقب؟ قال: ما أحب ذلك إلا أن يكون الإنسان يضعف عنها، فلا يقوى عليها، فيخاف أن تتفلت منه، فلا أرى بأساً أن يعرقبها.
وهذه الأقوال الثلاثة للعلماء: الأول: يقيمها الثاني: يقيدها أو يعقلها. الثالث: يعرقبها.
وزاد مالك أن يكون الأمر يختلف بحسب قوة الرجل وضعفه.